مع انتشار متحور دلتا حكم نهائي بمصر لصالح الكوادر الطبية
كتب : خيرالله فؤاد
مع ظهور الخلاف بين دول العالم خاصة أوروبا حول مدى جعل التطعيم ضد فيروس كورونا إجباريا وتشديد بعض الدول مثل إيطاليا وفرنسا واليونان وتركمانستان بينما توجد دول علي الجانب الأخر جعلته اختياريا مثل ألمانيا وبلجيكا وسويسرا أما في مصر فقد أصبح التطعيم بلقاح فيروس كورونا إجباريًا لكل من له صلة بالعملية التعليمية في الجامعات والمدارس لهيئة التدريس والطلاب والعاملين لمواجهة تفشي الموجة الرابعة لفيروس كورونا المستجد وذلك توخيا للحذر من انتشار فيروس دلتا بلاس في الفترة المقبلة وفى هذا الصدد أصدر القضاء المصري الشامخ حكما نهائيا ليعالج هذه المسألة .
حكم قضائي
أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة القاضي المصري المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة حكما تاريخيا بمنح أجهزة الدولة الإدارية والطبية بسلطات مطلقة في ظل ظروف للأوبئة العامة حفاظاً على النظام الصحي العام .
وبمشروعية قيام الإدارة الطبية البيطرية عام 2007 بإعدام أربعة ألاف بطة عمر شهر وخمسمائة دجاجة بلدي عمر خمسون يوم كانت إحدى الأسر بقرية بمحافظة البحيرة تقوم بتربيتها في مكان خاص بمنزلها وما خلفته إنفلونزا الطيور من اتصال بالطيور المريضة بالأسرة مما قد يصيب البشر بسلالة H5N1 أيدت فيه المحكمة قرار الحكومة المصرية بإعدام الطيور الحاملة لفيروس أنفلونزا الطيور وإزالة كافة العشش والحظائر المخصصة لتربية الطيور بالمنازل غير المرخصة حرصاً لعدم انتشار فيروس المرض وحفاظاً على الصحة العامة , وقد أصبح هذا الحكم نهائياً وباتاً بعدم حصول الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بشهادة من جدولها 2021 .
والقصة ترجع إلى لجوء إحدى الأسر المصرية بقرية بمحافظة البحيرة إلى محكمة دمنهور الابتدائية فى عام 2007 طالبة تعويضها بمبلغ 150.000 ألف جنيه تعويضا لها عن قيام الإدارة الصحية مع الإدارة البيطرية بإعدام ما تقوم به من تربية للطيور مصابة بإنفلوانزا الطيور على سند من الحفاظ على الصحة وخشية انتقال المرض للمواطنين .
وظلت الدعوى تتداول بمحكمة دمنهور الابتدائية علي مدار 4 سنوات وفى عام 2011 قضت محكمة دمنهور الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية للاختصاص ثم اُحيلت لهيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى وظلت بها حتى 2015 .
ثم حددت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية جلسة عاجلة فى يناير عام 2015 وأصدرت المحكمة حكمها المتقدم فى فبراير 2015 والذى لم يتم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا فأصبح نهائيا وباتا .
أكدت فيه محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية برئاسة القاضى المصرى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أن أجهزة الدولة الإدارية والطبية تتمتع بسلطات مطلقة فى ظل ظروف الأوبئة العامة حفاظاً على النظام الصحي العام وأنه من حق الدولة وأجهزتها الطبية والإدارية فى ظل ظروف الأوبئة العامة التمتع بالإجراءات الاستثنائية دون التقيد باللوائح العادية ففى أوقات الجائحة العالمية تحل المشروعية الاستثنائية بديلاً للمشروعية العادية درءاً للمخاطر وحفاظاً على النظام الصحى العام فى المجتمع .
وذكرت المحكمة أن منظمة الصحة العالمية اتخذت خطوة جادة للحفاظ على الصحة العامة عندما اعتمدت بالإجماع 194 دولة في جمعية الصحة العالمية إطار التأهب لجائحة الإنفلونزا في 24 مايو 2011.
وهو ما يعد مجهودًا عالميًا من أجل رفع مستوى التأهب والاستجابة لجائحة الإنفلونزا و في 11 يونيو 2009 أعلنت منظمة الصحة العالمية أن سلالة جديدة من فيروس إنفلونزا الخنازير (H1N1) أصبحت تعد وباء عالميا وأن الدولة المصرية تلتزم بأعلى درجات المعايير الدولية التى قررتها الأمم المتحدة فى مؤتمرها العالمى الثالث المنعقد بسنداى اليابان مارس 2015 للحد من مخاطر الكوارث 2015-2030 فى الدورة الرابعة والسبعون .
وكذلك ما قررته الأمانة العامة للأمم المتحدة فى قرارها 73/230 ببناء القدرة على مجابهتها بل وتتميز مصر بالطابع الاجتماعى فى المساهمة الفعالة للتخفيف عن المواطنين كما يظهر فى هذه القضية بمساهمة الحكومة وتحملها جزء من الخسائر بواقع ثلاثة جنيهات عن كل طائر عن طريق بنك التنمية والائتمان الزراعى خاصة وأن منظمة الصحة العالمية سبق أن أعلنت اعتبار مرض أنفلونزا الطيور من الأمراض الجائحة الوبائية من قبل.
وأشارت المحكمة أنه نظراً لتزايد أعداد المزارع المصابة بمرض فيروس انفلونزا الطيور ببعض المحافظات عام 2007 وفى محاولة لمواجهة هذا المرض والحد من انتشاره وذلك حتى لا يتمحور الفيروس المسبب لهذا المرض وينتقل من إنسان لأخر دون أن تستطيع الدولة بكافة أجهزتها السيطرة عليه .
فإنه يتعين إزالة الأسباب المؤدية إليه بعدما تبين أنه ناتج عن مخالطة الإنسان للطيور أو مخلفاتها لذا أقدمت الحكومة على إزالة كافة عشش وحظائر تربية الطيور غير المرخصة والبعيدة عن إشراف ومتابعة الإدارة المختصة ولكونها تعد بيئة مناسبة لتعايش فيروس أنفلونزا الطيور وإعدام الطيور المصابة بالمرض وهو قرار استهدف الحفاظ على الصحة العامة ينتفى معه ركن الخطأ وتنهار المسئولية الموجبة للتعويض .
وأضافت المحكمة أن دستور 2014 جعل لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل.
وأنه يتعين على أصحاب الحيوانات وحائزيها والمتولين علي حراستها وملاحظتها عند ظهور أي مرض بينها أو نفوق بعضها بسبب مرض إبلاغ الأمر إلى المشرف الزراعي المختص أو إلى أقرب وحدة بيطرية على أن تزال كافة العشش وحظائر تربية الطيور الداجنة غير المرخصة فى المنازل وفي الأماكن الأخرى داخل المدن على الفور .
وقد أعربت دوائر مهتمة بالشأن الطبى العام أن حكم القضاء المصرى يوثق لإحترام الدولة المصرية لحق الإنسان فى الصحة فى أوقات الجوائح والأمراض الوبائية سواء للإنسان أو الحيوان الذى ينقل المرض للإنسان وهى أرقى أنواع الحماية الصحية لأن الجائحة لا تخص شخص دون غيره وإنما تخص المجتمع ككل وجميع المواطنين فى الحفاظ على صحتهم مما يجعل هذا الحكم وثيقة هامة على تقدم القضاء المصرى وأسبقيته على مستوى العالم ونظرته الراقية للصحة العامة للجميع .