محمد حراز يكتب: عفاريت الأسفلت
عفاريت الأسفلت
رشيد.. عروس النيل، التي سحرت كل من زارها من الرحالة والمؤرخين عبر التاريخ الطويل؛ وأجبرت أقلامهم على التغني بجمال طبيعتها وسحر هدوئها .. جنة النيل ومرآته، التي عكست دوما روعة ارتباطها الأبدي بهذا النهر العظيم؛ فكانت نموذجا للهدوء والسكينة ورمزا لسحر الطبيعة..
فجأة وبدون مقدمات تبدل كل شيء؛ فاختفى ذلك الهدوء، وطغى الصخب والصراخ، وغطت سماء المدينة أصوات السماعات المجنونة، فقد ضربت مدينتنا ظاهرة جديدة، دخيلة على مجتمعنا، لم تكن معروفة بين شبابنا من قبل، ظاهرة غافلتنا جميعا كما غافلت ولىَّ الأمر والمسئول على حدً سواء، حتى تغلغلت فى مجتمعنا وانتشرت فى شوارعنا كالسرطان .. إنها ظاهرة الموتوسيكلات يا سادة والتى اشتهرت مؤخرا بـ “عفاريت الأسفلت” .. لا شك أن التسمية وحدها تدل على فكر من يهوون ركوبها، وتفسر ما نشهده معها من جنون وتباهي غير مسئول؛ فالغالبية العظمى من راكبيها هم من فئة صغار الشباب وهو ما يفسر تجاوز تلك الظاهرة لكل حدود المسئولية، حتى بدت وكأنها بلا عقل أو منطق لتفوق فى خطرها خطر التوكتوك الذى أفسد علينا حياتنا و وسلب شوارعنا أمانها وجعل كبارنا يتألمون بكبرهم..
محمد حراز يكتب: الحمى القلاعية.. بهدوء وبدون قلق
فجأة وبدون مقدمات انتشرت تلك العفاريت في الشوارع بشكل مريب – بعد أن كنا قد استرحنا منها خلال فترة منعها احترازيا أثناء الحرب علي الإرهاب – وعاد الخطر للظهور من جديد، لكنه عاد هذه المرة بجرأة غير مسبوقة وكثافة غير مبررة، ففي كل منطقة وفي كل حي وفي كل شارع، وعلى كل طريق تشاهد تلك العفاربت بأعداد غير طبيعية، وسلوكيات تزيدها خطرًا وتعقيداً كأنها مؤامرة لإبادة هؤلاء الذين يمثلون مستقبل هذا البلد..
زادت حوادث الطرق وارتفعت أعداد القتلى والمصابين بين الشباب، بعد أن أصبح كورنيش النيل، وأصبحت شوارع المدينة ليلاً كأنها ميدان باجا بالمكسيك الذي يتسابق فيه المحترفون داخل سباق الفورمولا والألعاب البهلوانية، ولكن بدون أن نرى شرطة للمرور تنظم السباق، فهى فى بلدنا قد اكتفت بالأعمال الإدارية داخل وحدة مرور المدينة..
محمد حراز يكتب: هل كائنات فضائية Aliens هي التي بنت الأهرامات؟
ونتيجة لهذا كله كان من الطبيعي أن تزداد حالات الاكتئاب، و تلتهم الضغوط العصبية والنفسية ما تبقى من سعة فى صدور المواطنين، فبات الشِجار فى شوارعنا على المحك وأصبحت العلاقة بين السائر والراكب بين تحفز وتنمر حتى أصبحت الحياة بحق لا تطاق ..
من هنا أرجو من السادة المسؤولين متابعة تلك الظاهرة الخطيرة ومراقبتها لتحجيمها حفاظا على أرواح هؤلاء الشباب الذين افتقر أولياء أمورهم إلى الحكمة المطلوبة فاجتهدوا فى تدليلهم وتلبية رغباتهم حتى وإن تقاعسوا بذلك عن حمايتهم، دون أن يدركوا أنهم إنما يرسلونهم بأيديهم إلى التهلكة ..
وأخيرا .. نسأل الله أن يعين كلا منا على تحمل مسئوليته فكلنا مسئول بشكلٍ أو بآخر عن سد الخرق قبل أن نغرق جميعا فى دماء هؤلاء.