ساحة الرأي

محمد حراز يكتب: زيارة السيد كامل الوزير لرشيد

محمد حراز يكتب: زيارة السيد كامل الوزير لرشيد

 في البداية وصلت معلومة منذ خمسة أيام، أن السيد كامل الوزير تم تكليفه بزيارة مدينة ساحلية شمال مصر، والوقوف على مشاكلها ورفعها في تقرير مفصل، فقد جاءت الزيارة بعد التقارير التي تم رفعها عن المدينة والتي ربما تخالف الواقع بشكل كبير.

ثلاث سيارات يستقل الوزير السيارة الرمادية ذات الدفع الرباعي يتقدمها سيارتان إحداهما مازدا سوداء، والأخرى ريچاتا زرقاء قديمة..

توقف الموكب الصغير خارج المدينة أسفل الكوبري العلوي في انتظار آت، بعد خمس دقائق اقترب من السيارة الرمادية رجل خمسيني فأشار فرد الأمن له بفتح باب السيارة والدخول للجلوس بالكرسي الخلفي بجوار السيد كامل.

كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة مساءً حين بدأت الزيارة من مدخل الجدية الجديد الذي يخلو تماما من أيَّةِ إشاراتٍ أو مطبات..

استمر الموكب سالكا طريق الكورنيش حتى دخلنا قرية برج رشيد، وبينما همَّ السائق أن يسلك طريق قلعة قايتباي أشار له السيد كامل بأن يستمر في طريقه، طريق الموقف، وإذ بالكهرباء تنقطع عن القرية، وقبل أن يسأل السيد كامل قلت له هذا هو حال القرية باستمرار في الآونة الأخيرة، طلب سيادته أن يدخل القرية بدون سيارة، فأخبرته أن الشوارع متهالكة لم يتم رصفها منذ سنوات طويلة انتظاراً للانتهاء من الصرف الصحي.

فقال: الصرف الصحي!!

قلت: نعم يا فندم ..

قال: ولكن لا توجد علامات بوجود أعمال حفر تدل على وجود أعمال..

قلت: نعم يا فندم القرية لم يدخلها الصرف بعد؛ وذلك لظروف خاصة سأطلع سيادتك عليها ونحن في طريق العودة، وكذلك باقي مشاكل القرية بالتفصيل ..

فقال: (وقد بدت علامات الغضب على وجه سيادته) محتاج أشوف المدينة من الداخل..

زيارة السيد كامل الوزير لرشيد

طلبت من السائق أن يعود من نفس الطريق ليتوقف الموكب أمام الميناء الجديد حتى يشاهد السيد كامل عزبة مرعى، وعزبة حسن على، وما أن شاهد سيادته مياه الصرف الصحي طافحة في مدخل منطقة العشش، وما آل إليه منظر الشوارع الداخلية حتى صرخ قائلا: هل نحن في رشيد؟

قلت: نعم يا فندم .. ولكن اسمح لي أن أبين لك حقيقة الوضع فى هذه المنطقة.. فقاطعني قائلاً: بلا حقيقة بلا هباب، ده اسمه تهريج.. يلَّا بينا يا بني..

فاستأذنت السائق أن نسلك الطريق خلف مستشفى رشيد العام مرورا بمنى التأمينات الاجتماعية ومنطقة خلف المخبز الآلي التي وصلت إلى أسوأ حالاتها، لندخل منطقة الجناين البحرية، ليشاهد سيادته ما آلت إليه الأمور بتلك المنطقة، والتي تعاني من انعدام الرصف والصرف، لنتجه بعدها إلى منطقة مسجد الحردي، ونشاهد قلب المدينة على حفيقتها، كنت أسترق النظر واختلس نظرة إلى وجه السيد كامل فاقرأ كلمات كثيرة على وجهه، فقال: هل نحن في مدينة رشيد؟!

قلت: نعم يا فندم .. وقد كنت أود أن أريكم المنطقة خلف محطة محولات الكهرباء بالسكة الجديدة..

فقال: اطلع يا بني على هناك ..

أردت أن يسلك الموكب شارع عبد السلام عارف فطلبت من السائق أن يسلكه، ونحن أمام بنك الإسكندرية قلت: هذا شارع عبد السلام عارف المدخل الرئيسي لمدينة رشيد يا فندم، قال: الرئيسي كمان!!

سلكنا الشارع الوسطاني حتى منطقة خلف محطة المحولات فإذا بنا في منطقة ضربها الإهمال بكل صوره، هنا يعيش أحياء بين الأموات، حيث لا حقوق آدمية، فلا رصف ولا نظافة وقد تداخلت المنازل والقبور في مشهد يدمي القلوب..

وإذا بدموع الرجل القوي تنساب من عينيه وقد نظر إلى الأرض وهو يقول: حقكم علينا يا أهل رشيد..

استغرقت هذه الجولة أربع ساعات سجل فيها السيد كامل كل ما شاهده وكل ما سمعه قبل أن يبدأ رحلة العودة إلى القاهرة.

انتبه عزيزي القارئ فالزيارة تمنيت أن تكون حقيقية لا من خيال كاتب يتمنى أن يرى بلده أحسن وأعظم بلد في العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى