محمد حراز يكتب رسالة
معالي الوزيرة الأستاذة الدكتورة/ جاكلين عازر محافظ البحيرة
أهلا وسهلا بحضرتك يافندم فى محافظة البحيرة
معالى الوزيرة نحن فى مدينة تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مدينة يعرفها ويسمع بها العَاَلم المتحضر الذي يقرأ التاريخ، مدينة جميلة الإسم؛ جميلة المناخ وجميلة الجغرافيا
معالي الوزيرة سيحدثونك عن المدينة الكَنز، عن الإستثمار عن المشاريع عن فرص العمل الكثيرة والمتوفرة بها، حديث يامعالي الوزيرة سَيرسم أمامك صورة جميلة لمدينة تُشبه وترتقي إلى مدن الأحلام
لكن الحقيقة يامعالي الوزيرة أننا ورثنا أطلال مدينة من الأجيال التي سبقتنا، فقد تركوا لنا إرثاً ثقيلاً؛ تركوا لنا شوارع منهكة، ومرافق مريضة، فالناس ترث الذهب والفضة، ونحن ورثنا مدينة ضربتها العدوي وترعرعت في أرجائها البكتيريا، فأخذوا منها كل ماهو جميل وحسن، وتركوا لنا كل ما دون ذلك..
نحن هنا يامعالي الوزيرة نسمع أنين الشوارع، هبوط وراء آخر، هبوط هنا وهبوط هناك.
نحن نسمع همسات الأعمدة آسف أن أقول الديكورية الخاصة بكورنيش النيل الذي خيَّم عليه الظلام، نسمعها بصوت مقام الصبا المكسور، وهي تهمس أغيثوني فقد أصبحت والعدم سواء..
أما الشوارع يامعالي الوزيرة فصارت خاوية بدون أوتاد تحملها وتستر عورتها، فهي تنزف باستمرار نزيفا حادا، فأخرجت ماءها بدون استئذان، فتلوثت الجروح وأصابتها العدوى بسبب التشخيص الخاطئ، ولو نظرنا إلى قلب المدينة، بداية من شارع الصاغة حتى قهوة أباظة مروراً بعمر أفندي، ومن السوق العمومي إلى مسجد العرابي مروراً بسوق السمك (دهليز الملك الأثري)، لو نظرنا إلى ذلك لشاهدنا ما يحزن القلب ويهزم الروح، ويكسر النفس..
معالي الوزيرة لقد حار الأطباء في علاجها وأجروا عليها جميع التجارب حتى خارت قواها، ولم تعد إلى سابق عهدها، وأخيراً توصلوا لكيفية إنقاذها، فأوصوا في روشتة العلاج بضرورة إجراء عملية جراحية عاجلة فى عصب النخاع الشوكي الخاص بعدد كبير من الشوارع، يتبعها تغيير شامل لكل الشرايين الدقيقة الفرعية، واستبدال فصيلة الدم، وحقنها بإكسير الحياة لتسترد عافيتها ويعود إليها بريقها السابق..
معالي الوزيرة أتمنى أن تكون زيارتك الأولى للمدينة زيارة غير معلنة؛ فتسترقي السمع إلى دقات قلوب الشوارع وهي في الرمق الأخير من عمرها، فشوارعنا قلوبها توقفت بكثرة المسكنات ومن كثرة تناول المضادات الحيوية بشكل أصبح يشكل خطر على حياتها، حتى سئمت الحياة، فقد أصبحت تتلو وتردد ترنيمة الخلود “إن لم تُغيثوني فسلاما عليَّ في الآخرين” ..