محمد حراز يكتب الشيطان التائب الحلقة السادسة
لم يتوقع مدير الشؤون الإدارية بالكلية تصرف دكتور شهاب عندما لاحظ بأن أسماء المعيدين الذين تم تعيينهم، جميعهم من أبناء رؤساء الأقسام، واستغرب طَلبهِ إعداد كشف بدرجات بعض الطلاب الذين ينتمون لأسر بسيطة جميعهم من المتفوقين، وزادت دهشته عندما قال بصوت عال: المهزلة دي لازم تنتهي
مفيد: الحقيقة يادكتر ده النظام المتبع في الجامعة، ودي أماكن محجوزة لأبناء الدكاترة وأبناء رؤساء الأقسام
شهاب: محجوزة .. يعني إيه محجوزة، يامفيد؛ البلد دي علشان تتقدم لازم كل مجتهد يحصل على فرصته، وليس هناك بديل آخر عن تغيير هذه السياسة…..
يطبق مفيد شفتيه ويهز رأسه وهو ينظر إلى شجرة عتيقة خلف شباك المكتب تلعب بأغصانها الرياح ثم قال: اللي سيادتك تؤمر بيه، تؤمرني بحاجة تانية يافندم
شهاب: انتظر يا استاذ مفيد
مفيد: تحت امر سيادتك يافندم
شهاب يشير إلى ليليث ويقول: أختي دكتورة (ليلى) دكتوراه في الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة أكسفورد، ومع ذلك لم أسع لتعينيها هنا .. تعرف ليه
مفيد: ليه يافندم
شهاب: لأنها أسست مركز دراسات لبحث كيفية إتاحة الفرص للكفاءات وتسكينها فى الأماكن التي في حاجة لمثل لهؤلاء المتفوقين
مفيد الذي تفاجأَ بوجودها: بالتوفيق يادكتر
ليليث: شكرا يافندم
شهاب: اتفضل ياأستاذ شهاب منتظر الكشف
مفيد: حالا يافندم
تنظر ليليث إلى الساعة المعلقة على جدار المكتب فإذا عقاربها تشير إلى الواحدة ظهرا، وهنا يدق تليفون المكتب، ليلتقط شهاب السماعة: مع حضرتك يافندم .. حاضر يافندم .. الساعة كام يافندم .. تمام يافندم
شهاب يضع سماعة التليفون ويسأل ليليث: تعرفي مين اللي كان على التليفون؟
ليليث: مكتب رئيس الوزراء
شهاب: ميعادى مع دولة رئيس الوزراء الساعة الثامنة مساء
ليليث: بعد نجاحك في الكلية ومواجهتك للفساد بهذا الشكل، تفتكر الذين يديرون الأمور من وراء ستار سيتركونك؟!
شهاب في صرامة وحزم: سنرى من سيتغلب على الآخر، نحن أم هم…
ليليث: هل تعتقد أن ينجح أدهم في قتل أمنا؟
شهاب: لو صمدت العجوز أمام ضرباته حتى اليوم التاسع والعشرين ستنجو وتعيش مائة عام أخرى، لكن دعيني أسأل أنا، هل تعتقدين أنه سيفشل، وإذا فشل في مهمته، من سيخبرنا بذلك؟!
ليليث: نعم سيفشل لأن العجوز تُحب الحياة ومتعلقة بها؛ وسوف يخبرنا أبانا، فقد سئم هو الآخر المعيشة هناك..
النادي
قبل ذهاب شهاب للقاء رئيس الوزراء توجه إلى النادي ليحتسي فنجانا من القهوة، وكما فعل أفراد الأمن معه في المرة السابقة، أسرعوا أيضاً هذه المرة لفتح البوابة لسيارته وقدموا له التحية، وكما كان سخيا معهم من قبل، كان سخيا أكثر هذه المرة، فشكروه ودعوا له..
في المكان المفضل لهما بجوار حمام السباحة يجلس نهال ونظمي، فما أن لمح نظمى دخول سيارة دكتور شهاب، إلاَّ وأسرع ليفتح له باب السيارة؛ تعجبت دكتورة نهال من حال دكتور نظمى وقالت: سبحان مغيَّر الأحوال، بقى دا نظمي اللي مكانش بيطيق يشوف شهاب
شهاب: مساء الخير يادكتورة نهال
نهال: مساء الخير يادكتر شهاب .. اتفضل اشرب معانا القهوة
شهاب: لو مكانش وجودي يزعجكم
نظمي: ياخبر .. يزعجنا، دا وجود سيادتك شرف لكل النادي
رئاسة الوزراء
سيارة رولز رويس La Rose Noire سوداء اللون تتوقف في المكان المخصص للسيارات والملحق بمبنى رئاسة الوزراء، وإذا بالحرس يتقدم ليفتح باب السيارة، ثم تقدم أحد أفراد الأمن الذي كان فى انتظاره لمرافقته حيث مكتب سكرتارية دولة رئيس الوزراء
سكرتير رئيس الوزراء: مبروك يامعالي الوزير نتمنى لكم النجاح والتوفيق
دكتور شهاب: متشكر جدا يافندم
سكرتير رئيس الوزراء: اتفضل يافندم دولة رئيس الوزراء في انتظارك
السيد رئيس الوزراء: أهلا وسهلا دكتور شهاب
شهاب: مساء الخير يادولة الرئيس
السيد رئيس الوزراء: مساء النور .. احنا متابعين خطواتك، ومتابعين تحركاتك القوية ونشاطك الغير عادي، علشان كده رشحناك لحقيبة وزارة الآثار
دكتور شهاب: شرف كبير يافندم، اتمنى أكون عند حُسن ظن دولتكم
رئيس الوزراء: دكتور شهاب، نحن ننتظر منكم إصلاحات كبيرة يشعر بها الداخل والخارج .. الفترة الماضية الوزارة مرت بظروف أثرت للأسف على القطاع بالكامل، فكم من الوقت يكفيكم؟
هنا تتغير فسيولوجية وجه شهاب وينظر إلى ساعة يده، فيشاهد أمه فوق عقارب ساعته تقول وهي تتألم: تسعة وعشرون يوما ياولدي
فقال شهاب: تسعة وعشرون يوما معالي دولة رئيس الوزراء
السيد رئيس الوزراء: وهو كذلك .. غدا تقسم اليمين، ولديكم كافة الصلاحيات مهما كانت الأسماء
شهاب: مهما كانت الأسماء؟!
السيد رئيس الوزراء: مهما كانت الأسماء..
إلى اللقاء في الحلقة القادمة…