محمد حراز يكتب: الدور الثالث عشر تحت الأرض
محمد حراز يكتب
كانت الساعة تقترب من الثانية فجر الثلاثاء الماضي، عندما تلقيت اتصالاً.. للوهلة الأولى، بدا غريبا، حين أظهر لي الهاتف رقمًا مكونا من ثلاثين رقما، لا هو باللغة العربية ولا هو بالإنجليزية، ولا بأي لغة معروفة لأهل الأرض، طلب مني مُحدِّثي الخروج حيث ستكون هناك مركبة بانتظاري.
وفي لمح البصر، هبطت بنا تلك المركبة فوق أرض بيضاء، ليس فيها ليل أو نهار، ليس بها أتربة أو قمامة، ليس بها مرتشون ولا متنمرون.
النجوم رأيتها ذهبية اللون، معلقة بواسطة خيوط أدق من الحرير، تلامسني أينما خطوت وكأنها تداعبني، كانت السيارات من حولي تسير بانسياب وكأنها تسبح على سطح الماء لنعومة الطرق ودقة صنعتها؛ سألت عن اسم المقاول الذي نفذ تلك الأعمال، فنظر إليّ مرافقي وكان اسمه أمين قائلا : يا سيد “محمد” المقاول هنا لا يسرق .. لا يغش .. لا يكذب؛ لأنه ببساطة إنسان.
أما المسؤول عن استلام الأعمال فهو رجل نباتي لا يأكل اللحوم أو الأسماك، الشيء العجيب الذي شد انتباهي أن هؤلاء الناس أعرفهم، قابلتهم، تحدثنا سويا، جلسنا معا في نادي المدينة أيام كان للمدينة ناد، إنهم من مدينتنا.
لا يفوتك..
محمد حراز يكتب: هل كائنات فضائية Aliens هي التي بنت الأهرامات؟
هذا محي وهذا أسعد، وهذا عبد الحي وهذا عبد الصمد، ورأيت فتحي، وبشرى، وأمل، ومِسعدة، ووقفت مع أحمد، ومحمود، وعبد الرزاق.
نعم هم فأنا أعرفهم جيدا،ً لكنهم هنا بدون أقنعة، بوجوه حقيقية، ملابسهم حقيقية حتى أسماؤهم حقيقية.
مشينا حتى ميدان تَحفة الأزهار وأشجار الياسمين والريحان والبنفسج، تربته من الزعفران به لافتة كبيرة صُنعت من قرنية إبليس
نعم من قرنية إبليس؛ فأهل المدينة هنا اجتمعوا على التسامح والحب والود والمؤاخاة، لقد قاموا بذبح إبليس في وسط الميدان ليعيشوا بدون فتن، وبدون غشٍ، وبدون خداع أو تدليس.
ميدان التسامح، نعم اللافتة كُتب عليها “ميدان التسامح” به صرح كبير بواجهة من الزجاج الأزرق تمتد يميناً لتلامس سطح النهر، فالنهر هنا ماؤه أبيض من الثلج، وأنقى من اللبن، يعلو الصرح ثلاث كلمات: الراشي والمرتشي ملعونان.
تابع جميع مقالات الكاتب محمد حراز عبر هذا الرابط
دخلت الصرح لأسأل هل يمكنني الحصول على مقبرة؟ فإذا بصوت يخرج من جهاز على باب الصرح يقول: يمكنك التوجه إلى الدور الثالث عشر تحت الأرض، بلمسة واحدة وجدتني وسط فناء واسع، به آلاف من المقابر التي تم تشييدها في خطوط تنظيمية وهندسية لا مثيل لها، إبداعًا وتنظيمًا، مكسوة بالرخام الألباستر المضيء، وفوق كل مقبرة وُضعت لوحة من الزجاج الأخضر مكتوب عليها اسم من أسماء سكان المدينة.