ساحة الرأي

محمد حراز يكتب الأشاير والبشاير.. الفصل الخامس

 

لم يصدق الشيخ مرجان الطيار مايسمع، وما يراه، فظل يفرك في عينيه وهو بين النائم واليقظان وأخذ يردد قول الله تعالى (سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ)…

فقال له: أنا الشيخ القللي ياشيخ مرجان

الشيخ مرجان وهو في حالة ذهول تام: انت ……

الشيخ القللي: أنا ممتش ياشيخ مرجان، أنا البكباشي مصطفى ياسين الصيرفي من قوة مكافحة المخدرات

الشيخ مرجان: أنا مش مصدق اللي انا شايفه ولا مصدق اللي بسمعه

البكباشي الصيرفي: لا صدق ياشيخ مرجان …. استهدى بالله وأنا هاحكيلك الحكاية بالتفصيل

قص البكباشي الصيرفي على الشيخ مرجان كل الحكاية، ثم طلب منه أن يردد في المدينة: أن الشيخ سعدالله شكل محكمة من كبار السادة الأولياء وأصدرت حكمها بالإعدام على حمدون…

مرجان: لكن الكلام ده هايثير غضب حمدون ويمكن يأذيني

البكباشي الصيرفي: متخافش، احنا هانكون قريبين منك .. ثم هوَّا محتاجك.

مرجان: واللي زي حمدون ها يحتاجني في إيه؟!

البكباشي الصيرفي: هايطلب منك تعمل زفة للخليفة في الأيام اللي جايه

مرجان: لكن إحنا لسه بدري على بداية ذي الحجة!!

البكباشي الصيرفي: هوَّا محتاج المسيرة خلال اليومين اللي جايين .. تتردد في الأول، وبعدين توافق بشرط انها تبقى مسيرة متعملتش قبل كده، لأنها المسيرة الأولى لك كخليفة، وتطلب ان حَمَلِةْ الأشاير يكونوا بعدد الأوليا اللي في البلد، وكل بيَّرق يكون مكتوب عليه من ناحية لا إله إلا الله، ومن الناحية التانية عليه اسم صاحب المقام، كده هايشعر انها هاتكون مختلفة، وهو دا المطلوب بالنسبالهُ، وأوعدك ياشيخ مرجان ان حق الشيخ سعدالله هايرجع وعلى إيدك

مرجان الطيار ينظر إلى مقام الشيخ سعدالله ويقول: مدد يا صاحب المدد…

 

الحارة

صباح يوم السبت الموافق التاسع عشر من شهر يوليو سنة ألف وتسعمائة واثنين وخمسين، فوجئ أهل الحارة بالدقنوش صبي المعلم دعدور يصرخ ويقول: نعناع غِرق .. نعناع غِرق، فاستوقفه المعلم عباس سردينة وسأله: انت بتقول إيه يادقنوش، وازاي ده حصل، وحصل امتى فين؟!

دقنوش: أنا جاي من عند بابور الميه لقيت الناس ملمومه على البر، سألت في إيه، قالوا نعناع غِرق، بصيت لقيته طافف فوق وش الميه..

عباس سردينة: لا حول ولا قوة إلاَّ بالله.. لا حول ولا قوة إلاَّ بالله، هيا البلد جرى فيها إيه … المصايب عمالة تِرف ورا بعضها .. ياخفي الألطاف نجنا مما نخاف….

وصل الخبر إلى حمدون الذي شكل له صدمة عنيفة هزت كيانه وبقوة، فقال: نعناع .. أجدع واحد في رجالتي .. طب ازاي دا حصل، و عزوز كان فين؟!!

أرسل حمدون إلى عزوز الفطاطري فجاءهُ وقد امتقع لون وجهه، وتبدو عليه علامات الخوف والقلق

حمدون: إزاي دا حصل ياعزوز، بقى أنا مستني خبر ابن فكيهه يجيلي خبر نعناع؟!

عزوز: من ساعة اللي حصل وانا مش قادر أتلم على أعصابي وقافل على نفسي..

حمدون: إيه اللي حصل؟!

عزوز: رتبت مع نعناع انه يستنى هوَّا عند بابور الميه، وانا آخد بساريه من البيت واطلع بيه على هناك، خدنا بعضنا واتمشينا ناحية بابور الميه، يادوب شاف نعناع، بقى لا على حامي ولا على بارد، لقيته ضحك وقال: عاملينلي كمين ياعزوز، عايزين تقتلونى زي ما قتلتوا بهانه وحريمس ومظهر والشيخ سعدالله؛ رد عليه نعناع وقالهُ، انت مزعل الريس حمدون ليه يابن فكيهه العالمه..

ويادوب نعناع قاله كده، وعينك ما تشوف إلا النور، لقيتهُ اتحول لوحش، نزل فينا ضرب مبقيناش قادرين نصد عن نفسنا، أول مرة أشوف وضع بالشكل ده يامعلمي، ضرب زي بتوع السيما، وف ثانية لقط حبل من ع الأرض ولَفهُ على رقبة نعناع، وقالي ابعد انت ياعزوز حسابي مع الوسخ ده، وقام مطلع سكينة وقاطع بيها لسانهُ؛ وقال ده ذنب سعدية يابن الغجري، فضل يقرط بالحبل على رقبتهُ ماسبوش غير وهوَّا بيشِل دم وبيطلع رغاوي من بقهُ..

حمدون: وازاي ماحشتش عنه؟!

عزوز: أحوش مين يامعلمي، دا وحش لو قربت منه هياكلني، لقيت نفسي بجري معرفش ايه اللي حصل بعد كده

حمدون: يبقى تختفي اليومين دول، ومش عايز مخلوق يعرف مكانك لحد ماشوف صرفة ونخلص منه قبل ما يروح النيابة ويقول على كل حاجه، الولد ده عارف عننا أكتر من اللازم

عزوز: ماشي يامعلمي

 

مركز البوليس

اليوزباشي رشدي: هاتلي بساريه من الحجز ياشويش

الشاويش: حاضر يافندم

اليوزباشي رشدي يتصفح اعترافات بساريه..

الشاويش: بساريه يافندم

اليوزباشي رشدي: روح انت ياشاويش، تعالا يابساريه، اقعد استريَّح … في حد ضايقك في الحجز؟!

بساريه: لا يافندم..

اليوزباشي رشدي يعطيه سيجارة: خُد ولع

بساريه: ميصحش يابيه

اليوزباشي رشدي: ولع يابساريه، تأكد ان تسليم نفسك بعد ارتكاب الواقعة هايكون في صالحك، والنيابة هاتضعهُ في الإعتبار

بساريه: والله ياسعت البيه أنا مش خايف، كفايه إن خلصت البلد من قَتَّال قُتلى، هما كانوا ناويين يقتلوني، زي ماقتلوا الشيخ سعدالله والبشكاتب مظهر، لكن ربك كريم ياسعت البيه..

اليوزباشي رشدي: أنا عارف، ودي حالة من حالات الدفاع عن النفس، عموما انت هاتترحل على النيابة دلوقتي وعايزك تقول كل حاجة في تحقيقات النيابة .. كل حاجه، وتأكد أن جه الوقت اللي المجرمين دول لازم يدفعوا تمن كل اللي عملوه..

وعايز أقولك أن النيابة هاتطلب تحرياتنا، واحنا بدورنا هانقول إزاي أرشدتنا عن أمور، لولاك مكناش توصلنا لمعلومات ساعدتنا في قضية تمس أمن مصر، ودا هايقوي موقفك..

الشاويش يستأذن….

اليوزباشي رشدي: في إيه ياشاويش؟!

الشاويش: في واحدة ست بتسأل على بساريه

اليوزباشي رشدي: دخلها ياشاويش

بساريه: ست نرجس!!

نرجس: ازيك يابساريه

اليوزباشي رشدي: طيب هاسيبكم خمس دقائق

بساريه: تعبتي نفسك ليه وجيتي ياست نرجس؟!

نرجس: مش هاجي لأعز منك يابساريه، جيبالك لقمه تاكلها وحابة اطمن عليك

بساريه: لو اعرف كده كنت قتلتهُ من زمان ابن الغجري ده..

نرجس: هاقوم لك أكبر محامي في المركز إن شاالله أبيع عفش البيت..

بساريه: تعيشي ياست البنات

نرجس: تسلملي ياسيد الرجالة

اليوزباشي رشدي: ياللا يابساريه علشان هاتطلع على النيابة

 

الحارة

وصلت الأخبار لحمدون أن الشيخ مرجان يردد في الأسواق وهو ممتطياً جريدته: إن الشيخ سعدالله شَكْلَّ محكمة من كبار السادة الأولياء، وأصدرت حكمها بالإعدام على حمدون،

فظل حمدون يضحك ويقول: الله يحظك ياشيخ مرجان، الراجل دماغهُ لحست؛ ثم طلب من الدقنوش صبي المعلم دعدور أن يأتيه بالشيخ مرجان.

الدقنوش: ياريس حمدون سيبك منه .. انت عايز إيه من واحد خُلل راكب جريدة وعاملها فرس؟!

حمدون: عايزهُ يادقنوش

الدقنوش: آجيبهولك ياريس

جاء الدقنوش بالشيخ مرجان ممتطيا جريدته فقال حمدون: رُوُح انت يادقنوش، وعدي على المعلم عبده القهوجي خليه يبعتلنا اتنين عناب

الدقنوش: حاضر ياريس

حمدون وهو يضحك: إعدام ياشيخ مرجان…

مرجان: حَكم المحكمة ياحمدون…

حمدون: ومين أعضاء المحكمة ياشيخ مرجان، مش كل قاضي بيبقى عنده مساعدين ياخد رأيهم ويشاورهم؟!

مرجان: الشيخ أبو النور والشيخ أبو عتمان…

حمدون وهو يضحك: كمان .. ومكانش في محامي يدافع عني ياراجل ياطيب؟!

مرجان: كان موجود لكن مدافعش عنك..

حمدون: أُمال عمل إيه، ومين ده ياشيخ مرجان؟!

هنا اعتدل مرجان، ورفع جريدته لأعلى وقال: الشيخ القللي

هنا انتابت حمدون رعشة، وتملك منه الخوف، لكن حاول إخفاء ذلك وراء قهقهة بصوت عال ثم قال: الشيخ القللي؟!

فصعد الشيخ مرجان فوق كرسي، وبدا كأنه خطيبا فقال: أيوَّة سيدي الشيخ القللي .. وقف وقفة الشجعان ورفع قلته لأعلى وقال مداااااااد؛ مدد .. خلي بالك ياشيخ سعدالله الغايب خلاص راجع، وحمدون هو القاتل مدااااد ..مدد.

ازداد حمدون قلقا، لكن ظل يضحك ليداري خوفه وقلقه حتى سقط من يده لاي الشيشة..

مرجان: يا حمدون آن الأوان وقت الانصراف، سيحملني حصاني ويطير إلى مقام قاضي القضاة مولاي الشيخ

سعدالله

حمدون: اصطبر ياشيخ مرجان.. أنا عايزك

مرجان: عايز ايه؟!

حمدون: عايز مسيرة…

مرجان: خلاص .. مفيش خليفة، كلهم اتقتلوا ياحمدون…

حمدون: انت الخليفة يامرجان

مرجان: أنا .. لا ياحمدون الخليفة بيموتوه..

 

استعان حمدون بالدقنوش ليتخلص من بساريه قبل وصوله إلى النيابة، وبالفعل وأثناء ترحيله، وهو في الطريق وسط حراسة مشددة، فوجئ بساريه بالدقنوش يندفع نحوه ويحتضنه ويقول: أخويا وحبيبي، ربنا يفك الضيقه، الريس بيطمن عليك وباعتلك الأمانة دي، ثم يقوم بطعنه بسكين وسط ذهول أفراد الحراسة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى