محمد حراز يكتب الأشاير والبشاير.. الفصل الرابع عشر
وصل اليوزباشي رشدي إلى النيابة العامة ليجد السيد معتز عبد العزيز وكيل النائب العام في انتظاره
السيد وكيل النائب العام يضغط على جرس المكتب فيدخل عبد الحكيم فرد الحرس: أفندم
وكيل النائب العام: ليمون لرشدي بيه
اليوزباشي رشدي: ياريت فنجان قهوة وخليه دُبل، ثم ينظر للسيد معتز قائلاً بقالي يومين مطبق وعايز أصحصح
السيد معتز: بسرعة ياعبد الحكيم؛ ازيك يارشدي بيه
اليوزباشي رشدي: الحمدلله بخير .. اتفضل نسخة من التحريات
السيد وكيل النائب العام يتصفح الأوراق ثم يقول: زي ماتوقعت .. حمدون استعان بالجبلاوي للتخلص من البكباشي الصيرفي، واتخلص من الجبلاوي علشان ميبقاش وسيلة ضغط عليهم فيما بعد.
عبد الحكيم يطرق الباب، ثم يدخل: اتفضل يارشدي بيه
اليوزباشي رشدي: متشكر ياعبد الحكيم؛ متشكر.
السيد وكيل النائب العام: عبد الحكيم هو من قام بإلقاء الطعم لحمدون، ونجح في إقناعه ببراعة ان القللي يبقى ظابط شرطة
عبد الحكيم: تعليمات سيادتك يافندم، والحقيقة المرحوم الصيرفي كان له فضل كبير في تدريبي..
اليوزباشي رشدي ينظر للسيد وكيل النائب العام بإعجاب وقال: الله يرحمه.
السيد وكيل النائب العام: طيب اتفضل انت ياعبد الحكيم.
السيد وكيل النائب العام يعيد تصفح التحريات، ثم قال: كده القضية بدأت تكتمل بصورة قانونية ممتازة
اليوزباشي رشدي: هل معنى كده ان جنابك هاتصدر إذن بالقبض على حمدون وحليم الجواهرجي وصبيانهم؟!
السيد وكيل النائب العام: أدلة الإثبات مازالت غير مكتملة .. هاننتظر انتهاء التحقيقات، ونشوف تقرير الطب الشرعي هايقول إيه، لكن الخطة مستمرة بدون أيَّ تغيير، هما بيجتهدوا انهم يلفوا بنفسهم حبل المشنقة حوالين رقبتهم.
اليوزباشي رشدي: هتلاقي في الصفحة الخامسة كلام بسارية، بيؤكد ارتكاب حمدون جريمة القتل، دا غير اللي رجال البحث الجنائي وجدوه فور وصولهم لمكان مقتل صيام، اعتقد انها تخص القاتل؛ في إشارة لكده في الصفحة التاسعة، لكن السؤال، هل تعتقد يافندم انهم ها يحاولوا يدخلوا البضاعة الآن؟
السيد وكيل النائب العام: مش هايحاولوا .. هما بالفعل هايبدأوا في التحرك، دا لو مكانوش اتحركوا فعلا، لازم يشعروا بالآمان التام مع استمرار المراقبة ٢٤ ساعة..
الحارة
حمدون جالس يضع قدما على الأخرى على باب الحلقة يدخن التُمباك
الشاويش شحاته أبو المعاطي: مساء الخير ياريس حمدون
حمدون: أهلا وسهلا .. ازيك ياشحاته أفندي
شحاته: مش عارف اشكرك ازاي على وقفتك معايا عند حليم الجواهرجي؟!
حمدون: متقولش كده ياراجل، دي حاجه بسيطة، المهم تكون فكيت أزمتك
شحاته: الحمدلله، والله أول حاجه عملتها بعد ماقبضت المهية، طلعت على حليم سددت المديونية، وقلت لازم اعدي عليك واشكرك..
حمدون: لا شكر على واجب ياشحاته أفندي .. بقولك إيه ياراجل يا طيَّب
شحاته: اؤمرني ياريس حمدون
حمدون: مهيَّتك بتكفيك؟!
شحاته: مستورة ياريس حمدون
حمدون: أيوة يعني بتكفيك؟!
شحاته: آهو يادوب، لكن بعد كيلو اللحمة ما وصل خمسة وعشرين قرش، بناكلها في الشهر مرة، ويمكن منكلهاش غير كل شهرين مرة!!
حمدون: واللي يجيبلك شغلانة بعد الضهر باتنين جنيه في الشهر؟!
شحاته: يبقى كتر ألف خيره ويبقى رزق الأولاد
حمدون: طب وإيه رأيك لو كانت الشغلانة سهلة وبسيطة .. مش هاتعمل غير انك تمسك دفتر العِلم بتاع المراكب، تعرف كل مركب داخل بكام لوحة سمك، وكل معلم استلم كام لوحة، وتسجل كل ده في الدفتر .. شغلانة سهلة، ومش هلاقي حد أحسن منك يمسكها..
شحاته: تعرف ياريس حمدون دي دعوة أمي وانا نازل الصبح، ماهي عايشه معايا، قالتلي روح يابني ربنا يوسع رزقك….
حمدون: متحملش هم، ورزقك ورزقنا على الله، وكل يوم وانت مروَّح هتاخد عشاك معاك، تاكل اللي تأكله، وتبيع اللي يزيد عنك..
شحاته: ربنا يكرمك ياريس ..أقدر استلم الشغل من امتى؟!
حمدون: دلوقتي لو حبيت، لكن خليك من بكره، تستلم عهدتك ودفاترك وانا هارسيك على كل حاجه…
شحاته: ياسلام عليك ياريس وعلى شهامتك، من بكره، هاتلاقيني من الكوبانية على هنا..
حمدون: تنورني يا شحاته أفندي
شحاته: ربنا يوسع عليك زي ما وسعت عليا ياريس.. استأذن بقى….
حمدون: مع السلامه ياشحاته أفندي..
بعد انصراف شحاته نادى حمدون على بساريه: ولا يا بساريه
بساريه: نعمين يامعلمي
حمدون: اوصل لقهوة معاطي، الريس محلبه قاعد هناك، خليه يعدي عليا بسرعة
بساريه: حمامه يامعلمي..
بساريه يحدث نفسه وهو في طريقهِ إلى القهوة، ياترى عايز محلبة في إيه ياحمدون، أكيد بتحضر لمصيبة جديدة….
الريس محلبة: مساء الجمال يا رياسه
حمدون: تعالى يا محلبة
محلبة: بساريه جايبني على ملا وشي .. خير يا رياسه؟!
حمدون: شغلانة .. محدش هايقدر عليها غيرك..
حمدون ينتبه لوجود بساريه فينهره قائلا: انت لسه واقف، شيشة الريس بسرعة وخلي المعلم عبده يظبط القهوة بنفسه..
بساريه: حمامه يامعلمي
محلبة: إيه العُبارة يارياسه؟
حمدون: خبطة العُمر يامحلبة، أكلة بغاشه ومينفعش آكلها لوحدي..
محلبة: المكان والزمان يارياسة؟!
حمدون: القلعة .. زي النهاردة الأسبوع الجاي، الساعه تمانية بعد صلاة العشا
محلبة: زي النهارده .. يعني اللاربع ٢٣ يوليو .. المستلم هايكون موجود؟!
حمدون: المعلم دعدور؛ والمعلم سيد أبو ليلة
محلبة: نصيبي؟!
حمدون: ٥٠٠٠ جنيه
محلبة يضحك بصوت عال ويقول: هاخُد نص نصيبك..
حمدون: انت اتجننت يامحلبة
محلبة: بشوقك يارياسة
حمدون: لكن النص كتير
محلبة: النص يارياسه
حمدون: يامحلبة بلاش طمع
محلبة: النص يارياسه
حمدون: التلت ومتتكلمش ودي خبطة العمر لينا كلنا
محلبة: ع البركة يارياسة
حمدون: انت إيه ياااخي
محلبة: تربيتك يارياسة….
ضحك متبادل بينهما، وهنا تأتي نرجس وتقترب من الحلقة كأنها جاءت للبحث عن أحد الاشخاص، فيراها حمدون فسألها: مالك ياست البنات، أؤمريني؟!
نرجس: عايَّزة بساريه
حمدون: بساريه؟!
نرجس بدلال: أيوة ياريس، بساريه .. عايَّزاه…..
حمدون تتحرك بداخلهِ الغيرة فقال: وعايزة الجِعر دا فى إيه؟!
بساريه يسمع حمدون وهو يقول ذلك فينظر إلى نرجس ويقول: ميصحش يامعلمي
حمدون: انت بترد عليا يابن فكيهه
نرجس: بساريه راجل وملو هدومه ياريس حمدون
بساريه: ميصحش يامعلمي تجيب سيرة امي
فيفقد حمدون أعصابه ويرفع يده للإعتداء على بساريه، فيتدخل محلبة ويمنعه من ذلك، ويبعد بساريه: امشي انت يابساريه دلوقتي .. صلي ع النبي يا رياسه، إيه في إيه..
نرجس: ميصحش ياحمدون، ثم تقول لبساريه: تعالا عيزاك
بساريه وهو بجانب نرجس: بقى كده يامعلمي بعد خدمتي ليك العمر دا كله تهيني بالشكل ده!!
حمدون: يخبط كف على كف ويقول: مفيش غير ابن فكيهة اللي عامل فيها بني آدم … واللهْ عال
محلبه: إيه يا رياسه صلي على النبي اُمَّال .. بتغيير من بساريه ولا إيه؟!
حمدون: بغيير …. ومن بساريه؟!
محلبه: عينين العاشق فضَّاحه يارياسه
حمدون: طيب يابن فكيهة..
مقام الشيخ سعدالله
فوجئ الشيخ مرجان الطيار بمن أَيْقَظَهُ لصلاة فجر الجمعة الموافق ١٨ يوليو ١٩٥٢ ويطلب منه أن يقوم ويتوضأ ليستعد لصلاة الفجر..
الشيخ مرجان يفرك في عينيه وهو لم يصدق ما يسمعه وما يراه: مين .. بسم الله الرحمن الرحيم، حِلم ولا عِلم، إنس ولا جن (سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ)…