محمد حراز يكتب آمال ..الحلقة الأولى
صدقي باشا علواني من كبار رجال الأعمال المصريين، وواحد من أكبر الإقطاعيين المقربين من السرايا..
يقيم مع زوجته ثريا هانم توفيق، وابنته آمال وولده حسام في قصره بالزمالك.
صدقي باشا، صاحب اسم كبير في بورصة القطن، معاملاته البنكية الكبيرة كانت كافية لتمرير أيَّة صفقات تحمل اسم صدقي علواني، بخلاف عزبة كبيرة تنتج أجود أنواع المحاصيل الزراعية تقع على أطراف الفيوم..
الابنة آمال ذات العيون التي تشبه عيون السنجاب، كانت تكبر شقيقها حسام بخمس سنوات، متعلقة به إلى حد الجنون، قوية الصلة به، غير مستعدة على الإطلاق للابتعاد عنه طرفة عين.
آمال تلك الفتاه رقيقة الحس، خمرية اللون، ضحكتها كأنها نسمة من نسمات الصيف، معتدلة القوام كأنها خُلقت من شجرة ورد.
كان لها مطلق الحرية في اختيارها لأزيائها، وفق أحدث موضة في عالم الأزياء، وكذلك منحها والدها مطلق الحرية في اختيارها لأصدقائها، لما رأى فيها من قوة شخصيتها، ورجاحة عقلها، بخلاف ثقافتها، التي اكتسبتها من دراستها بالمدارس الفرنسية، وحبها وشغفها بقراءة الروايات لكبار الكُتاب، وفوق كل هذا، كانت فتاة حنون على طاقم العمال بالقصر، الدادة سيدة، عبده الطباخ، إدريس السفرجي، وكذلك كل عمال القصر، الجميع يبادلونها الحب، ولكن كان للدادة سيدة، وعبده، وإدريس معزة خاصة لديها، كل ذلك كان يَلقىَ استحسانا وقَبولا طيبا لدى أمها ثريا هانم، التي كانت تشجعها دائما على معاملتها الطيبة لهؤلاء، وتحثها على ذلك، فقد ولدت وعاشت ربيع عمرها بينهم وعلى أيديهم.
القصر بصفة عامة، كان يملؤه المرح والبهجة والسكينة، والراحة والهدوء؛ تقام فيه السهرات، والحفلات كأعياد الميلاد التي يجتمع فيها الأقارب والأصدقاء.
وسط هذا الجو عاشت آمال وشقيقها حسام الذي مازال يدرس في المرحلة التوجيهية.
تخرجت آمال من الجامعة الأمريكية عام ١٩٦٠ كلية (الآداب والعلوم)، أتقنت ثلاثة لغات، قراءة وكتابة، الانجليزية والفرنسية والإيطالية، بخلاف اللغة العربية، وفي عام تخرجها التحق شقيقها حسام بكلية الهندسة، فقد كان يتطلع لدراسة الهندسة الميكانيكية.
وفي عام ١٩٦١ يأتي قرار التأميم، ليصادر كافة ممتلكات صدقي باشا علواني، ذلك القرار الذي سلب كل ما تملكه الأسرة، ليسقط صدقي باشا على الأرض مفارقا الحياة إثر أزمة قلبية أودت بحياته ……
إلى اللقاء في الحلقة الثانية