قصة الاحتفال الأسطورى لنشأة المحكمة الإدارية العليا المصرية عام 1955 أعرق وأقدم محكمة فى قارتى أفريقيا واَسيا
قصة الاحتفال الأسطورى لنشأة المحكمة الإدارية العليا المصرية عام 1955 أعرق وأقدم محكمة فى قارتى أفريقيا واَسيا
كتب : أحمد حنورة
المستشار خفاجى يسجل أول تشكيل للإدارية العليا 1955 وكلمات رئيسها وعن المحامين ووكيل إدارة قضايا الحكومة
خفاجى : عايشناهم بأرواحنا وأفعالهم الوطنية وأحكامهم ذكرى متجددة منحوتة على جدران العدالة وتركوا لنا عبقا طيبا من الماضى الجميل استلهمته أجيال لاحقة جيلا بعد جيل حافظت على التراث وأضافت إليه من بيئة العصر
كتب :
بمناسبة العيد الماسى لمجلس الدولة أعرق جهاز قضائى فى منطقة الشرق الأوسط , وفى دراسة توثيقية تاريخية وحيدة لليوبيل الماسى لمجلس الدولة بمرور (75) عاماً على إنشائه , تفتح الجمهورية الجديدة فى عهد الرئيس السيسى كنوز السيادة الوطنية فى اليوبيل الماسى لمجلس الدولة , تحكى دوره الوطنى الغائب ضد الاحتلال البريطانى وتدعيم ثورة 1952 للمفكر والمؤرخ القضائى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المصرى فى مؤلفه بعنوان : ” الغائب فى اليوبيل الماسى لمجلس الدولة تاريخ ومواقف : التراث العظيم للأجداد الأوائل لنشأة مجلس الدولة فى السيادة الوطنية ضد الاحتلال البريطانى وتدعيم مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 من الضباط الأحرار بالجيش المصرى ” وهى الدراسة التى حظيت بالاهتمام الوطنى للدولة , ونعرض لها لأهميتها التوثيقية المتفردة فى حياة الأمة المصرية .
وننشر الجزء السادس من تلك الدراسة التوثيقية الهامة لقصة الاحتفال الأسطورى لنشأة المحكمة الإدارية العليا المصرية عام 1955 أعرق وأقدم محكمة إدارية فى قارتى أفريقيا واَسيا , فكيف اُفتتحت المحكمة الإدارية العليا فى مهدها ؟ وأول تشكيل لها ؟ وماذا دار فى اجتماع الافتتاح ؟ ومن شهد هذا الافتتاح التاريخى وزمانه ؟ حيث تنشغل الأجيال خاصة الحديثة بالتساؤل الجدير بالأهمية عن كيفية افتتاح المحكمة الإدارية العليا فى مهدها عام 1955 .أى بعد تسع سنوات على إنشاء مجلس الدولة عام 1946 الذى بدأ العمل به بمحكمة القضاء الإدارى والمحاكم الإدارية دون وجود للإدارية العليا إلا عام 1955
أولاً : تاريخ افتتاح المحكمة الإدارية العليا وأول تشكيل لها فى مصر :
يقول المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إن التاريخ يكشف عن وثيقة محضر الاجتماع بافتتاح أعمال المحكمة الإدارية العليا يوم السبت بتاريخ ۲۸ من صفر سنة 1375 هجرية , الموافق 15 أكتوبر من سنة 1955 ، وكان الاجتماع برئاسة السيد الأستاذ المستشار / السيد على السيد رئيس مجلس الدولة وكان معه فى الاجتماع خمسة أعضاء للمحكمة الإدارية العليا فى أول تشكيل لها هم السادة الأساتذة المستشارين / بدوى إبراهيم حمودة و الإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلى إبراهيم بغدادي و مصطفى كامل إسماعيل , وعن هيئة مفوضى الدولة حضر السيد الأستاذ المستشار / سيد على الدمراوی رئيس هيئة مفوضي الدولة والسيدين الأستاذين المستشار على محسن مصطفى والسيد الأستاذ / حامد حندوسة المستشار المساعد هيئة مفوضي الدولة , وحضره أول سكرتير للمحكمة الإدارية العليا هو السيد / محمد سعيد عبد الفتاح ، المنتدب للقيام بأعمال سکرتارية المحكمة وكاتب الاجتماع
ويضبف أن أول تشكيل لها من عظماء مجلس الدولة تولوا مناصب رفيعة فى الدولة فالمستشار بدوى إبراهيم حمودة شغل منصب رئيس مجلس الدولة من 16 نوفمبر 1961 حتى 7 نوفمبر 1963, ثم منصب وزير العدل عام 1964 ثم أول رئيس للمحكمة الدستورية العليا من 7 فبراير 1970 حتى 4 أكتوبر 1978 والمستشار الإمام الإمام الخريبى شغل منصب رئيس مجلس الدولة من 8 مايو 1965 حتى 16 يناير 1966 والمستشار محمد مصطفى كامل إسماعيل شغل منصب رئيس مجلس الدولة من 6 مارس 1969 حتى 31 أغسطس 1969 ثم منصب منصب وزير العدل, والمستشار على محسن مصطفى شغل منصب رئيس مجلس الدولة , كانوا قمم كبيرة منذ نشأتها
ثانياً : كلمة المستشار السيد على السيد رئيس مجلس الدولة فى افتتاح المحكمة الإدارية العليا : الابداع للحلول القانونية المرنة للمواءمة بين المصلحة العامة للدولة ومصالح المواطنين , وقال لقضاتها أنتم تحملون الأمانة و رائدكم نداء الحق ووحي الضمير :
يذكر الدكتور محمد خفاجى أن المستشار السيد على السيد رئيس مجلس الدولة عام 1955 ألقى كلمة فى افتتاح المحكمة الإدارية العليا , وركز فيها على الابداع فى الحلول القانونية المرنة للمواءمة بين المصلحة العامة في سير تلك المرافق وبين الصوالح الفردية الخاصة , وقال لقضاة الإدارية العليا : أنتم تحملون الأمانة و رائدكم نداء الحق ووحي الضمير < حيث افتتح الاجتماع بالكلمة الآتية : ” بسم الله الرحمن الرحيم تفتتح اليوم أعمال المحكمة الإدارية العليا ، وهي من أجل ما استحدثه القانون رقم 165 لسنة 1955 الذي يعد مفخرة من مفاخر حكومة الثورة المباركة ، فقد دعمت به مجلس الدولة وهيأت له من وسائل التقوية والإصلاح ما يمكنه من النهوض برسالته على خير وجه ، باعتباره من أهم أعمدة النظام الديمقراطي القوى السليم.”
وأضاف ” إن إنشاء هذه المحكمة ليعتبر بحق ثورة في تاريخ القضاء الإداري ، فستكون المعقب النهائي على جميع الأحكام الصادرة من دوائر محكمة القضاء الإداري ومن المحاكم الإدارية كافة . وإنه ليظهر من ذلك خطر المهمة الملقاة على عاتقها ، فكلمتها ستكون القول الفصل في تأصيل مبادىء القانون الإداري تأصيلا يربط بين شتاتها ربطا محكما متكيفا مع التطور في سير المرافق العامة وفي تنسيق قواعده تنسيقاً يمنع التعارض والتناقض بين أحكام القضاء الإداري و يتجه بها نحو الاتساق والاستقرار والثبات . ويزيد من خطر هذه المهمة أن القانون الإداري ، على عكس القانونين المدني أو التجاري ، غير مقنن ، ولذا كانت مهمة القاضي الإداري ليست مجرد تطبيق قواعد مقننة مقدما ، بل هي في الأغلب ابتداع الحلول القانونية التي تتلاءم مع الطبيعة الخاصة للروابط التي تنشأ بين الإدارة والأفرا د في مجالات القانون العام ، فإنها بحكم تعلقها بسير المرافق العامة لا يمكن أن تحكمها قواعد جامدة كتلك التي تحكم الروابط المدنية في مجالات القانون الخاص، بل يجب أن تتغير وتتطور وتتكيف وفقاً لاحتياجات تلك المرافق وضرورة سيرها .”
وأضاف ” من هنا ابتدع القانون الإداري نظرياته التي استقل بها في هذا الشأن ، وذلك كله يقتضي من القائمين بأمر القضاء الإدارى مجهودا شاقا مضنيا في البحث والتأصيل لا يقف عند حد الموازنة والترجيح كما هي مهمة القاضي المدني ، بل يتجاوزه إلى الفهم بمنطق القانون العام ، وبالنظر الثاقب البصير باحتياجات المرافق العامة ، کی يلمس مركز التوازن بين المصلحة العامة في سير تلك المرافق و بين الصوالح الفردية الخاصة، فيبتدع من الحلول القانونية المرنة ما يوائم بينهما .”
ويذكر ” لقد كان إنشاء المحكمة العليا أمراً لا محيص عنه، بعد تعدد دوائر محكمة القضاء الإداري وإنشاء المحاكم الإدارية المختلفة . وقد كان القانون رقم ۱۱۲ لسنة 1946 بإنشاء مجلس الدولة خلوا من أي نص ينظم الوسيلة لتفادي تناقض الأحكام ؛ ولعل ذلك راجع إلى أن محكمة القضاء الإداري في أول تشكيلها كانت تتكون من دائر تين خماسيتين ، وسار العمل على أن تنظر الدائرة الأولى القضايا المقدمة من الأفراد ، وتنظر الأخرى القضايا المقدمة من الموظفين ، فلم يحصل تناقض بين الأحكام . ثم تعددت الدوائر تبعا لازدياد عدد القضايا، وجاء القانون رقم 9 لسنة 1949 فأجاز لأية دائرة من دوائر محكمة القضاء الإدارى – كلما رأت لدى النظر في إحدى الدعاوى أن النقطة القانونية المقتضى البت فيها سبق صدور جملة أحكام بشأنها يناقض بعضها بعضا ، أو كان من رأيها العدول فيها عن اتباع مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة – أن تأمر بتجديد المرافعة في الدعوى وإحالتها إلى دوائر المحكمة مجتمعة . فكانت هذه الإحالة اختيارية للدائرة المنظورة أمامها الدعوى ، كما أن دوائر المحكمة لم تكن ملزمة بأن تتبع في المستقبل قضاء الدوائر المجتمعة في نقطة قانونية معينة ، ومن ثم كان العلاج ناقصاً لا يحقق توحيد المبادىء واستقرارها هذا إلى زيادة عدد مستشاري المحكمة زيادة تجعل مداولتهم من الصعوبة بمكان لتفرق الآراء بحسب اختلاف وجهات النظر ، فلم يكن – والحالة هذه – مندوحة من إنشاء المحكمة العليا كعلاج حاسم”
ويشير الدكتور محمد خفاجى الرأى عندى أن لفظ توحيد المبادئ من اختراع المستشار السيد على السيد رئيس مجلس الدولة الذى نطق به يوم افتتاح المحكمة ومن بعده اُنشئت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا من بعده كما أرادها.
و يضيف الدكتور خفاجى أن المستشار السيد على السيد رئيس مجلس الدولة يمضى قائلاً : ” بقدر اغتباطنا بهذا النظام الجديد بقدر شعورنا بالمسئولية الخطيرة الملقاة على عاتقنا، نحن الذين عهد إلينا الإبتداء بهذه المهمة ، ولكني لعلى يقين من أن زملائي ، وهم من صفوة مستشاري المجلس علماً ، وأكملهم خلقا ، سيحملون معی الأمانة بكل عزم و تفان ، ليس لهم من رائد إلا نداء الحق ووحي الضمير .وإذا كانت مهمتنا شاقة وخطيرة ، فإني واثق من أننا سنجد من هيئة مفوضي الدولة ومن إخواننا المحامين خير عون لنا على تحري الحقيقة وإنارة طريق العدالة.”
ثم أضاف ” إن القانون الجديد قد ناط بهيئة المفوضين مهمة ضخمة و نظم هذه الهيئة تنظيما مبتکرا من أساسه ، ولم يكن فيه مقلدا للنظم الأجنبية ، وإنما ابتدع – على تجارب الماضي وهو زهاء عشر السنوات – نظاما أصيلا يناسب ظروفنا الخاصة يجمع بين مزايا نظام المقررين و نظام مفوضي الحكومة أمام مجلس الدولة الفرنسى مع سلطات أوسع للمفوضين في سبيل تهيئة الدعوى على نمط يجمع بين التبسيط والسرعة في الإجراءات حتى لا تبقى المراكز القانونية مزعزعة أمدا طويلا ، و بين تمحيص القضايا تمحيصا دقيقا ينتهي برأي مسبب تمثل فيه الحيدة لصالح العدالة والقانون . وإنه ليسرني أن ألمس حسن البداية في السير على هذا النهج ، فأرى بين القضايا المعروضة علينا اليوم طعونا مقدمة من هيئة المفوضين لصالح الناس ، وطعونا أخرى لصالح الإدارة، تغيت الهيئة فيها جميعا صالح العدالة والقانون وحدهما .”
ويذكر الدكتور محمد خفاجى أن المستشار السيد على السيد فى نهاية كلمته عام 1955 اختتم كلمة الافتتاح قائلا : ” وإني إذ أتوجه إلى إخواننا المحامين باعتبارهم أعوان القضاء في تحري الحقيقة وإنارة طريق العدالة ، إنما أرجو أن يكونوا عند حسن الظن بهم . إنا لنعلم أن مهمتهم شاقة مضنية ، ولكننا نرجو أن يقدروا المسئولية الملقاة على عاتقهم في هذا الصدد . إن الجميع ، مفوضين و محامين ، مطالبون بأن يهتدوا بهدى القانون الجديد وأن يعملوا بروحه ؛ إذ استهدف تجريد المنازعات الإدارية من اللدد الخصومات الفردية . وليضع الكافة نصب أعينهم أن الإدارة خصم شريف لا يبغي إلا معاملة الناس جميعا طبقا للقانون على حد سواء نزولا على مبدأ سيادة القانون ، فكلمته هي العليا. وفي الختام أرجو الله أن يهدينا جميعا إلى طريق السداد فهو ولى التوفيق ”
ثالثاً : كلمة المستشار سيد على الدمراوی رئيس هيئة مفوضي الدولة:
يذكر الدكتور محمد خفاجى أن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة ألقى كلمة قال فيها : ” باسم هيئة مفوضي الدولة أحيى محكمتنا العليا التي انبثق نورها في جلسة اليوم ، فكانت ضمانا فوق ضمان ، وضرورة اقتضاها تعدد دوائر محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية للتعقيب النهائي على أحكامها . وإذا كان القانون قد وضع في يد هيئة المفوضين أمانة الدعوى الإدارية ، و بوجه خاص حق الطعن في الأحكام أمام المحكمة العليا سواء لصالح الأفرا د أو الحكومة ، فإني لأرجو أن نؤدى الأمانة التي حملناها بالحيدة التامة لصالح العدالة ، و نعاهد الله و نعاهدكم على السير على هدى القانون وتمكين أحكامه لتكون كلمته هي العليا . وفقنا الله وهدانا سواء السبيل”
رابعاً : كلمة الأستاذ الدكتور السيد صبري المحامي عن المحامين :
يشير الدكتور محمد خفاجى أن الأستاذ الدكتور السيد صبري المحامي وقف وألقي الكلمة الآتية : ” باسم المحاماة و بإسم المشتغلين بفقه القانون العام ، أحيى هذه المحكمة الإدارية العليا بمناسبة أول اجتماع لها . ويشاء القدر أن يشرفني بهذه التحية كما شرفني منذ خمس سنوات خلت بتحية الدوائر المجتمعة للمحكمة القضاء الإداري في أول انعقاد لها. وإنا لمستبشرون بإنشاء هذه المحكمة الإدارية العليا ، وعلى يقين من أنها قادرة على تحقيق الغاية السامية من إنشائها ، وأنها سترسی مبادىء القانون العام على قواعد متينة الدعائم قوية البنيان ، وسيرجع إليها الفضل في القريب العاجل في استقرار أحكام القضاء الإداري فيما يبدو من اختلاف طبعی في وجهات النظر في الأحكام الصادرة من دوائر المحاكم الإدارية .”
” وقد أوضح السيد الرئيس الآن بما فيه الكفاية الفرق بين مهمة القاضي المدني والقاضي الإداري . والواقع أن مهمة القاضي الإداري لا تنحصر في تطبيق القانون تطبيقا حرفيا كما هو الحال في القضاء العادي، بل مهمة القاضي الإداري في الموازنة بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة ، فيخلق الحلول المناسبة لها متوخية تحقيق العدالة في أكمل صورة لها ، ولذلك سمي “بالبريتور” ، نسبة إلى القاضي الروماني الذي كان يخلق القواعد القانونية خلقا .”
“ولهذا سبق أن أوضحت أن تمثال العدالة الذي يتمثل في القضاء العادي في صورة امرأة معصبة العينين إمعانا في عدم رعاية القاضي بمصالح أي من الطرفين المتنازعين؛ إذ أن وظيفته هي تطبيق القانون تطبيقا حرفيا ، فإذا أضير أحد الطرفين فالذنب في ذلك ذنب المشرع – أقول لكل هذا أوضحت أن هذا التمثال لا يصلح في مجال القضاء الإداري إلا إذا رفعت العصابة عن عينيه .”
“وقد سبق لي أن سجلت أن أخطر اتجاه في التشريع الجديد لمجلس الدولة هو إنشاء هيئة المفوضين كجزء من المحكمة تكون وظيفتها إبداء الرأي السليم المحايد على أساس أن الإدارة هي خصم شريف ، عليه أن يعطي كل ذي حق حقه طبقا لأحكام القانون، وتجريد المنازعات الإدارية من لدد الخصومات الفردية . وحسبي للتدليل على ذلك أن أقرر في صراحة تامة أن الطعن في الحكم في الدعوى التي أمثلها أمام هذه الهيئة الموقرة إنما يرجع الفضل فيه إلى رئيس هيئة المفوضين ؛ إذ قدم سيادته الطعن من تلقاء نفسه ، فأكد بذلك أن الهيئة التي يرأسها ستكون العين الساهرة على تحقيق المبادىء القانونية السليمة. وإذا كان العدل هو أساس الحكم، فالقضاء هو مصدر هذا العدل ، فهو قبلة المظلوم ، وملاذ المهضوم ، إنه المشكاة التي فيها المصباح ، وما دام المصباح يضيء ككوکب دری ، فأمل كل فرد في الوصول إلى حقه لا يخبو أبدا بل يتحول إلى إيمان ثابت في العدالة التي أنتم – أيها القضاة – حماتها في كل وقت وفي كل جماعة . وفقكم الله جميعا وإيانا إلى سواء السبيل”
خامساً : كلمة الأستاذ عبد الحليم الجندى وكيل إدارة قضايا الحكومة :
يذكر الدكتور محمد خفاجى أن الأستاذ عبد الحليم الجندى وكيل إدارة قضايا الحكومة وقف وألقى الكلمة الآتية” : إن إدارة القضايا تغتبط كل الاغتباط بإنشاء محكمة إدارية عليا ، التي أصبح لها التعقيب النهائي على الأحكام التي تصدرها دوائر محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية ووضع المبادىء القانونية لمنع التناقض بين الأحكام ، وندعو الله أن يوفقنا جميعا إلى خير ما نرجوه ، ” وانتهى الاجتماع حيث كانت الساعة العاشرة صباحا ”
سادساً : عايشناهم بأرواحنا وأفعالهم الوطنية وأحكامهم ذكرى متجددة منحوتة على جدران العدالة وتركوا لنا عبقا طيبا من الماضى الجميل استلهمته أجيال لاحقة جيلا بعد جيل حافظت على التراث وأضافت إليه من بيئة العصر:
ويختتم الدكتور محمد خفاجى هكذا عايشنا معاً – بأرواحنا – لحظات افتتاح المحكمة الإدارية العليا يوم السبت بتاريخ ۲۸ من صفر سنة 1375 هجرية , الموافق 15 أكتوبر من سنة 1955 , واستحضرنا طيف هؤلاء النخبة من جيل تلقى المسئولية ممن سبقوه فى بناء هذا الصرح الكبير , وأحسسنا بخلق روح هذه المحكمة منذ ميلادها عام 1955 مع هؤلاء القضاة العظام الذين سجلوا أقوالهم وأفعالهم الوطنية وأحكامهم ذكرى متجددة منحوتة على جدران محراب العدالة بمجلس الدولة المصرى تشهد دوماً على شموخهم وعطائهم وتعاونهم البناء فيما بينهم ونظرتهم الراقية تجاه بعضهم البعض , وتركوا لنا عملا عظيما وعبقا طيبا من الماضى الجميل استلهمته أجيال عظيمة لاحقة جيلا بعد جيل حتى اليوم – وإن اختلفت الرؤى – حافظت على التراث وأضافت إليه الجديد والتجديد لمواجهة بيئة العصر , وليس مثل غيرهم مجرد أسماء كتبت بأحرف سوداء على ورق أبيض محاها الزمان فى ليلة شتاء , ولم يتبق منها أمر يًنكر أو شئ يُشكر أو أثر يُذكر .