قاضٍ مصرى: العدل الدولية فشلت في إنفاذ اتفاقية منع الإبادة الجماعية لغزة (وقبلها مسلمى الروهينجا والبوسنة) ويوجه أسئلة موضوعية لقضاتها
تتساءل شعوب العالم عن الأسباب التى دعت محكمة العدل الدولية فى جرائم الإبادة الجماعية أن توقف العمليات العسكرية لبعض الشعوب كأوكرانيا , وتمنعها عن شعوب أخرى كقطاع غزة بفلسطين ,مما دعا المفكر والمؤرخ القضائى القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إلى إعداد دراسة متميزة بعنوان (انهيار المنظومة الأممية واختلال ميزان العدل الدولى ضد الشعوب المسلمة – قراءة فى أحكام العدل الدولية النظيرة) قام فيها الفقيه المصرى بدراسة الحالات المماثلة للأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية للشعوب المسلمة التى تعرضت لحرب الإبادة ومنها مسلمى البوسنة والهرسك ومسلمى الروهينجا ومقارنتها بغيرها ,وتوصل إلى نتائج مذهلة تستحق الوقوف عندها فى فكر هذه المحكمة , وفى أزمة القانون الدولى وعجزه , وازدواج المعايير لدى الغرب ومنظومة العدالة ذاتها .
العدل الدولية لم توقف العمليات العسكرية فى قضية جامبيا الإفريقية ضد ميانمار الأسيوية التى أبادت مسلمى الروهينجا واكتفت بالتدابيرالمؤقتة وكررته نصاً مع غزة
يقول الدكتور محمد خفاجى ” في 11 نوفمبر 2019، قدمت جمهورية جامبيا – وهى إحدى دول الغرب الأفريقى – إلى قلم محكمة العدل الدولية طلبًا لإقامة دعوى ضد جمهورية اتحاد ميانمار – وهى دولة تقع في جنوب شرق آسيا – بشأن الانتهاكات المنسوبة إليها لاتفاقية منع الإبادة الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان , بركيزة إن ميانمار ارتكبت أعمال إبادة جماعية ضد مسلمى جماعة الروهينجا وهى مجموعة عرقية ودينية متميزة تتواجد بشكل أساسي في ولاية راخين في ميانمار.
ويضيف ” وفي 23 يناير 2020، أصدرت محكمة العدل الدولية بالإجماع أمرها بشأن التدابير المؤقتة المقدم من جمهورية جامبيا في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ضد ميانمار لكن المحكمة لم تصدر قراراً بوقف إطلاق النار أو وقف العمليات العسكرية فى إبادة شعب مسلم , وهو ذات مافعلته مع فلسطين بقطاع غزة “
ويشير ” أن محكمة العدل الدولية قضت بالتدابير المؤقتة بأنه يتعين على جمهورية اتحاد ميانمار، وفقاً لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بأفراد مجموعة الروهينجا الموجودين على أراضيها، أن تتخذ جميع التدابير التي في حدود سلطتها لمنع الإبادة الجماعية , وعلى وجه الخصوص: قتل أعضاء المجموعة – التسبب في ضرر جسدي أو عقلي خطير لأعضاء المجموعة – تعمد فرض ظروف معيشية على المجموعة بهدف تدميرها الجسدي كليًا أو جزئيًا – فرض تدابير تهدف إلى منع الولادات داخل المجموعة , وهو ما كررته نصاً مع غزة “
ويوضح “كما ذهبت المحكمة إلى التأكد من أن جيش ميانمار ، وكذلك أي وحدات مسلحة غير نظامية قد يتم توجيهها أو دعمها وأي منظمات وأشخاص قد يكونون تحت سيطرتها أو توجيهها أو نفوذها، لا ترتكب أي أفعال الموصوفة في سلفاً أو التآمر لارتكاب الإبادة الجماعية، أو التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية، أو محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية، أو التواطؤ في الإبادة الجماعية؛ وأوجبت على جمهورية اتحاد ميانمار أن تقدم تقريرًا إلى المحكمة عن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذا الأمر في غضون أربعة أشهر، اعتبارًا من تاريخ هذا الأمر، وبعد ذلك كل ستة أشهر، حتى يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن القضية الصادرة عن المحكمة “
أسئلة موضوعية من قاضٍ مصرى إلى قضاة محكمة العدل الدولية
ويطرح الفقيه المصرى عدة أسئلة بمنتهى الموضوعية على قضاة محكمة العدل الدولية التى تحمل على عاتقها مسئولية العدالة الدولية ,فيقول : ” لماذا لم تصدر المحكمة قراراً يلزم إسرائيل بوقف العمليات العسكرية فى قطاع غزة ؟ ولماذا لم تصدر ذات المحكمة قراراً يلزم جمهورية اتحاد ميانمار بوقف العمليات العسكرية ضد شعب أعزل لمسلمى جماعة الروهينجا ؟ وهو بالضبط ما فعلته بتكرار ذات العبارات نصاَ مع شعب غزة ! وهل الإبادة الجماعية للمسلمين لم تؤثر فى العقل القانونى الموضوعى ل 15 قاضياً المفترض أنهم يمثلون قمة العدل الدولى ! ولماذا تمايز محكمة العدل الدولية بين إبادة الشعوب المسلمة وغيرها من الديانات الأخرى ؟ فلا توقف نزيف إبادة الجماعية للمسلمين بعدم أمرها وقف العلمليات العسكرية ضدهم مكتفية فقط بالتدابير المؤقتة التى لا تسمن ولا تغني من جوع ! طالما لم تأمر بوقف إطلاق النار !”
ويضيف ” بينما تمد المحكمة الدولية بيد حانية على أصحاب الديانات الأخرى فتسارع فى إصدار أوامرها بوقف العمليات العسكرية كما هو الحال فى أوكرانيا ؟ أو ليس أصحاب الديانات أو غيرهم ممن لا دين لهم بشراً سوياً ؟ أو ليس جميع الخلق فى نظر قضاتك دون تمييز أو تمايز نفساً تستحق الحماية ؟ حينما يختل ميزان العدل الدولى ضد الأطفال والنساء فى غزة ومن قبله مسلمى الروهينجا , فمن حقنا أن نتساءل عن نزاهة موضوعية العدل الدولى لشعب غزة الذى يباد جماعيا فى أطفاله ونسائه وشيوخه , ومن قبله مسلمى الروهينجا ؟”
محكمة العدل الدولية فشلت في إنفاذ اتفاقية منع الإبادة الجماعية بشكل فعال لغزة ومسلمى الروهينجا والبوسنة فى كل قضاياهم (الفوضى تطلق على العالم، والمد الخافت بالدم، والبراءة أضحت غريقة)
ويذكر الدكتور محمد خفاجى ” إن محكمة العدل الدولية فشلت فى إنفاذ اتفاقية الإبادة الجماعية بشكل فعال للشعوب المسلمة لغزة ومسلمى الروهينجا والبوسنة فى كل قضاياهم , وهذا ليس من عندياتى بل نطق به مؤتمر جيفري س. ديويز التى نطقت بأن الأشياء تنهار، والفوضى يتم إطلاقها على العالم، وانطلق المد الخافت بالدم، في كل مكان حفل بالبراءة التى أضحت غريقة .”
ويضيف ” إن الإبادة الجماعية التى يتعرض المسلمون لها فى العالم سواء فى غزة أو البوسنة أو الروهينجا وامتناع محكمة العدل الدولة عن وقف العمليات العسكرية ضد المعتدى الغاشم والمحتل دليل على فشل محكمة العدل الدولية فى إنفاذ اتفاقية الإبادة الجماعية بشكل فعال , إن قضايا البلاد المسلمة ضد إبادتها تذكرنا بأن العنف في شكل حرب إبادة جماعية لا يمكن أن يكون توقف في قاعة المحكمة الدولية , التى توقف فقط العمليات العسكرية ضد شعوب الأديان الأخرى غير المسلمة “
جدوى القانون الدولى بدت تتضاءل حينما تخلت العدل الدولية عن وقف العمليات العسكرية فى قطاع غزة
ويؤكد الدكتور محمد خفاجى ” إن جدوى القانون الدولى بدت تتضاءل حينما تخلت محكمة العدل الدولية عن وقف العمليات العسكرية فى قطاع غزة ضد الاحتلال الإسرائيلى , وحين اكتفت بالتدابير المؤقتة مثلما فعلت تماماً ضد مسلمى البوسنة ومسلمى الروهينجا بتكرار ذات العبارات نصاً دون تعديل أو حذف أو اضافة وكأنه نموذج مطبوع تنقل منه ! إن العالم بات مهدداً بأزمة أخلاقية مصيرية لا دافع لها بسبب إنكار العدالة برفض وقف إطلاق النار ضد الشعوب المسلمة .”
ويضيف ” إن تجربة إبادة شعب فلسطين بقطاع غزة أثبت أن محكمة العدل الدولية ليست المكان المناسب لتسوية الخلافات حول قضايا ملحة مثل الإبادة الجماعية بالقدر الفعال الذى يحمى الشعوب , إن إجراءات المحكمة حتى بأضعف الإيمان بالتدابير المؤقتة وعدم نفاذ أحكامها من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلى يخرج عن نطاق القانون الدولى وبالمخالفة للنوايا الحسنة للدول الأطراف في الاتفاقية ، فلم تعد المحكمة الدولية تلبي الحاجة إلى اتخاذ إجراء سريع بوقف العمليات العسكرية واكتفت فقط بإلقاء اللوم على أعمال الإبادة الجماعية، بتدابير منقولة نصاً من حالة لأخرى رغم اختلاف الزمان , وهى غير فعالة على الإطلاق في العمل الأكثر إلحاحا والأكثر أهمية لحماية الشعوب من جرائم الإبادة الجماعية “
ويختتم ” أصبحت غزة الإسلام بفلسطين التى تقع في جنوب غرب قارة آسيا في الجزء الجنوبي للساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، – قلب العالم القديم – مثلها مثل البوسنة الإسلام التى في جنوب شرق أوروبا في منتصف شبه جزيرة البلقان , دليل على عزة الإسلام وقوة رجاله , وما ارتكبته قوات الاحتلال الإسرائيلى من إبادة قطاع غزة وتدميره يعد نقطة محورية للتوتر الدولي فى منطقة الشرق الأوسط تخشى منه الدولة اليهودية التى يقلقها مثل هذا العدد الكبير من البشر فى الدولة الإسلامية فى كل بقاع الأرض حتى في أوروبا نفسها , وما كان يجب على محكمة العدل الدولية أن تمايز بين المسلمين فى غزة والبوسنة و الروهينجا والمسيحيين فى أوكرانيا فى أحكامها , فلا يجب أن يكون الدين هو الذي يقسم الناس فتمنع وقف إطلاق النار والعمليات العسكرية للبعض , وتحرم غيرهم من مثل هذ الحق !وهو ما يؤكد انهيار المنظومة الأممية .”