قاضى مصري: إثيوبيا تتحدى العالم وتتنصل من 17 اتفاقية دولية عبر 130 عاما
نعرض للجزء الثانى عشر – قبل الأخير – عن أحدث دراسات القاضى الفقيه المصرى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المصرى المعروف بأبحاثه العلمية الوطنية بعنوان: “مسئولية الأمم المتحدة وحقوق مصر التاريخية فى مياه نهر النيل والاستقرار القضائى لمحكمة العدل الدولية توثيق لعداون إثيوبيا على قواعد الأنهار. دراسة تحليلية فى ضوء تدخل الأمم المتحدة فى النزاعات المائية النظيرة حماية للدول المتشاطئة من الإضرار بها، والمبادئ التى استنتها محكمة العدل الدولية فى وحدة المصالح للمجارى المائية لبيان عدوان إثيوبيا على مياه نهر النيل “، وهو الموضوع الذى توليه مصر موضع الأهمية القصوى ويشغل بال المجتمع الدولى ويؤثر على استقرار المنطقة بأكملها، ونظرا لما تعرضه إثيوبيا من مغالطات للمجتمع الدولى وجب تنوير الرأى العام العربى والإفريقى والعالمى وفقا لقواعد العلم القانونى والانصاف والتاريخ، وأهمها السوابق القضائية لأحكام محكمة العدل الدولية، وهو ما يتناوله الفقيه فى الجزء الثانى عشر ويخصصه عن إثيوبيا تتحدى العالم وتتنصل من 17 اتفاقية دولية عبر 130 عاما.
يقول الدكتور المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أن المتتبع لتاريخ القانون الدولى سيتعرف على الوجه الحقيقى الذى لا يراه العالم عن إثيوبيا وهى تتنصل وتتهرب وتخرق وتنتهك 17 اتفاقية دولية عبر 130 عاما على النحو التالى:
1-البروتوكول الموقع عليه في روما في 15 أبريل عام 1891 بين بريطانيا وإيطاليا في شأن تعيين الحدود بين اريتريا والسودان، وقعته بريطانيا عن مصر والسودان، وكانتا تحت الاحتلال البريطاني، كما وقعته إيطالياعن إثيوبيا، التي كانت تحت الاحتلال الإيطالي، ونص فى هذا الاتفاق على حظر إقامة إيطاليا لأي مشروعات مائية على نهر عطبرة، من شأنها أن تؤثر على كمية المياه المتدفقة إلى مصر والسودان عن طريق نهر عطبرة.
2-الاتفاق الموقع عليه في أديس أبابا في 15 مايو عام 1902 بين بريطانيا وأثيوبيا ومقتضاه تتعهد أثيوبيا ألا تقيم أية أعمال على النيل الازرق أو على بحيرة تانا أو على السوباط يكون من شأنها التأثير على مياه النيل إلا باتفاق مع بريطانيا والسودان .
3- المعاهدة الموقع عليها في لندن في 9 مايو عام 1906 بين بريطانيا والكونغو وفيها تتعهد الكونغو بألا تقيم أو تسمح بأن تقام أعمال على أو بالقرب من سميليكى يكون من شأنها انقاص حجم المياه التى تدخل بحيرة البرت دون موافقة السودان .
4- الاتفاق الموقع في 13 ديسمبر عام 1906 بين بريطانيا وفرنسا وايطاليا للمحافظة على مصالح بريطانيا ومصر في حوض النيل .
5- الاتفاق المبرم بين بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية فى 10 فبراير عام 1925 بتحديد التخوم فى الانتداب البريطانى على إفريقيا بمجرى الملاحة فى كاجيرا.
6- المذكرات المتبادلة بين بريطانيا وايطاليا خلال الفترة من 14- 30 ديسمبر عام 1925 التى تثبت اعتراف ايطاليا بحقوق الأولوية المائية لمصر والسودان على النيلين الأزرق والأبيض وروافدهما وفيها تتعهد ايطاليا بالامتناع عن أى عمل من شأنه أن يعدل من حجم المياه فى تلك الأنهار بدرجة محسوسة.
7- الخطابات المتبادلة بين بريطانيا ومصر بمناسبة مقتل سير لى ستاك فى شأن اتجاه بريطانيا إلى زيادة مساحة الأطيان التى تزرع فى الجزيرة.
8- الاتفاق بين مصر والسودان عام 1932 بشأن اقامة خزان جبل الأولياء.
9- الاتفاق بين بريطانيا وبلجيكا الذى جرى توقيعه بلندن فى 22 نوفمبر عام 1932 بشأن تنظيم الانتفاع بالمياه على الحدود بين تنجانيفا ورواندا أورندى.
10- الاتفاق في 29 يناير عام 1934 بين بريطانيا وبلجيكا وينص على أن يتبع الحدود في نهر كاجيرا Kagera مجرى الملاحة Thalweg.
11- المذكرات المتبادلة بين مصر وبريطانيا فى ديسمبر عام 1946 وفبراير عام 1950 ويناير عام 1953 فى شأن المشروعات التى تقوم على النيل والأرصاد الجوية والمائية فى حوضه.
12- الاتفاقان المبرمان فى يونيو عام 1952 و 27 يونيو عام 1953 بين الولايات المتحدة وإثيوبيا لتحديد الطبيعة الجغرافية لحوض النيل.
13- الاتفاق المبرم بين مصر والاتحاد السوفيتى فى 27 ديسمبر عام 1958 بشأن انشاء السد العالى وجميعها لا تنتقص من حقوق مصر المشروعة على مياه النهر .
14- اتفاقية 1959 بين مصر والسودان وهذه الاتفاقية مكملة لاتفاقية 1929، وتم توقيعها بين مصر والسودان بعد حصول كل منهما على الاستقلال ، وهى تؤكد على حصة مصر والسودان من مياه النيل، والتي تقدر بـ84 مليار متر مكعب سنوياً، 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار للسودان.
15- يوجد اتفاق بين مصر وإثيوبيا في 1 يوليو 1993 سمى باتفاق القاهرة بشأن وضع إطار عام للتعاون بينها لتنمية موارد مياه النيل وتعزيز المصالح المشتركة، وتضمن ذلك الاتفاق على تعهد الطرفين بالامتناع عن إجراء أي نشاط يلحق ضرراً بمصالح الطرف الثانى فى الاستفادة بمياه النيل ، مع التأكيد على التعهد بالتشاور والتعاون في المشروعات ذات الفائدة المتبادلة، والعمل سوياً علي زيادة حجم التدفق، وكذلك تقليل الفاقد من مياه النيل في إطار خطط تنمية شاملة ومتكاملة.
متضمناً ذلك الاتفاق إنشاء آلية للتشاور بينهما بالنسبة للموضوعات محل الاهتمام المشترك بمياه النيل ، وتعهد كل طرف منهما بالتعاون بين دول حوض النيل لتحقيق الاستفادة من مياه نهرالنيل . وهى الموقعة من الرئيس السابق حسني مبارك، ورئيس الوزراء الإثيوبي مليس زيناوي، بناء قاعدة من المصالح المشتركة. واتفق الطرفان فيها على الالتزام بمبادئ الجيرة الحسنة والاستقرار السلمي والتعاون المشترك، باعتباره وسيلة ضرورية لتعزيز المصالح السياسية والاقتصادية، فضلا عن استقرار المنطقة.ولم يكتب لها النجاح بسبب محاولة اغتيال الرئيس مبارك 1995، مما ترتب عليه توقف التعاون بين الدولتين.
16- أما فيما يتعلق باتفاقية عنتيبى فى مايو 2010 التى وقعت عليها الدول المطلة على نهر النيل فلم توقع عليها مصر والسودان والكنغو الديمقراطية، والمبدأ السائد دولياً أن الاتفاقيات الأحادية التى تخل بالعدل بالمائى تتعارض التوزيع المتكافئ لمياه النيل , فقد تحفظت مصر على ثلاثة بنود طلبت تعديل الاتفاقية بالإضافة يتمثل أولها فى وجوب الاعتراف بحقوق مصر التاريخية فى مياه النيل وعدم المساس بحصتها البالغة 55 مليار متر مكعب، ويتمثل ثانيها في وجوب اتباع قاعدة دولية للانهار المشتركة بالأخطار المسبق من كافة الدول العشر المطلة على نهر النيل حال قيام إحداها فى اتخاذ أى إجراء بشأن مياه نهر النيل.
بينما يتمثل ثالثها في وجوب إعمال قاعدة دولية مستقرة هى التصويت الموزون أو النسبى فى اتخاذ أية قرارات تتعلق بشأن نهر النيل . ومن ثم فلا تتمتع اتفاقية عنتيبى بثمة قوة ملزمة في مواجهة الدول الثلاث مصر والسودان والكنغو الديمقراطية لإخلالها الجسيم بمبدأ التوزيع العادل على نحو لا يجوز معه حرمانها من استخدام النهر والاستفادة به على أساس عادل ومعقول والتى يدخل فيها الاستخدام المستقر لمصر منذ اَلاف السنين.
17- فى مارس2015 وقع الرئيس القائد عبد الفتاح السيسي اتفاقا حول إعلان مبادئ بين جمهورية مصر العربية وجمهورية أثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية وجمهورية السودان ألزمت فيها الدول الثلاث أنفسها بعشرة مبادئ بشأن سد النهضة: هى مبادئ التعاون علي أساس التفاهم المشترك، المنفعة المشتركة، حسن النوايا، المكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولي، والتنمية التكامل الإقليمي والاستدامة وعدم التسبب في ضرر ذى شأن والاستخدام المنصف والمناسب والتعاون في الملء الأول وإدارة السد وبناء الثقة وتبادل المعلومات والبيانات والسيادة ووحدة إقليم الدولة والتسوية السلمية للمنازعات وهى فى المقام الأول للحفاظ على حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل دون إضرار .
ويختتم الدكتور خفاجى أن إثيوبيا تنصلت من المبادئ، كما تنصلت عبر 130 عاما من جميع الاتفاقيات منذ عام 1891 على النحو السالف وهذا هو نهجها الذى دأبت عليه , وهى بذلك تتحدى العالم ولا تلقى بالاً لقواعد القانون الدولى عن الشرعية النهرية , ولا تحترم الإستقرار القضائى لمحكمة العدل الدولية فى المنافع المشتركة للأنهار الدولية , وهو ما يجب أن يستنهض همة المجتمع الدولى والمنظمة الدولية ذاتها لأن وحدة البشرية فى السلام لا العدوان , كما أن مكانة ومهابة الأمم المتحدة تكون فى العمل على فرض التزامات الدول وتقيدها بها دون خرق حتى لا تتفاقم المخاطر فى منطقة الشرق الأوسط .
وسوف نعرض للجزء الثالث عشر الختامى من دراسة القاضى الفقيه المصرى المتميزة عن تحليله لأهم أحكام محكمة العدل الدولية وما قررته من المبادئ المؤيدة للموقف المصرى والداعمة لحقوق مصر التاريخية على مياه نهر النيل بما لا ينتقص من حصصها أو يسمح لإثيوبيا بالتصرفات الأحادية دون اتفاق أوتفويض مع الدول المتشاطئة .