د. إبراهيم مرجونة يكتب: بلياردو أم بولينج؟!
يقولون “أصدقاء وأحبة المصلحة مثل البلياردو، من ضربة واحدة يتفرقون، والأصدقاء والأحبة الحقيقيون مثل البولينج، مهما تفرقوا يتجمعون فى النهاية فى حفرة واحدة”!
فالحب الحقيقى.. هو أن ترمى لهم بطوق النجاة فى لحظة الغرق.. وتبنى لهم جسر الأمان في لحظات الخوف.. وتمنحهم ثوبك فى لحظات العرى كى تسترهم.. تم لا تنتظر المقابل!
ومن المؤسف حقًا أن تبحث عن الحب، فى قلوب جبانة أدمنت الخيانة، ولبست ثوب الأنانية، وتزينت بالرغبة فى تغليب المصالح الشخصية تحت شعار الغاية تبرر الوسيلة، ومن المضحكات المبكيات أن أغلب هؤلاء يرفعون رايات الفضيلة ويتحدثون عن الإخلاص والوفاء والتضحيات ويخدعون من حولهم بعبارات رنانة ومبادئ زائفة، أصحاب هذه القلوب يتنفسون الكذب ولا يحبون سوى أنفسهم .
فعندما نتحدث عن الصداقة الحقيقة، فإننا نتحدث عن الحب، والوفاء، والثقة، والولاء، فالصداقة من أبرز القيم الإنسانية التى تسمو بها الحياة. وهى الوجه الآخر غير البراق للحب ولكنه الوجه الذى لا يصدأ.
فمع مرور الوقت، وتسيد المصالح بين العلاقات، يغلب “النفاق الاجتماعى”، ليحكم طبيعة تلك العلاقات بين الناس، بعيدا عن الإخلاص والصدق والمحبة الخالصة. والوصول لهدف ما لدى الكثير من الناس، يبرر الوسيلة لديهم مهما كان شكلها، ويدفعهم للقيام بأى شىء في سبيل تحقيق ما يريدونه، ويستخدمون أقنعة تخبئ وراءها إحساسهم الحقيقي والصادق لمن حولهم.
هل انتهت الصداقة الحقيقية بين الناس وتحوّلت إلى صداقة مصالح؟ هل مبدأ صداقتى هى مصلحتى هو السواد الأعم فى مجتمعنا؟
العلاقة والمصلحة كلمتان مترادفتان تتناغمان معًا، لهما هدف واحد ومبدأ واحد. والمصلحة هي صخرة تتفتت عليها في أحيان كثيرة كل القيم الإنسانية، ولا شىء يعلو فوق المصلحة، والمصلحة تتنوع حسب طالب الخدمة ولها أشكال وأنواع كثيرة. أحياناً كثيرة يرتدي صاحب المصلحة الشخصية قناع التودد والتلطف، مع قناعته بعكس ما يظهر. لست ضد العلاقة القوية بين الناس لكننى ضد العلاقة القائمة على المصلحة الشخصية وما أكثرها فى مجتمعنا وفى غالبية شرائح المجتمع.
أصبحت العلاقات الاجتماعية المبنية على الحب والتسامح والاحترام شبه معدومة، بعد أن طغت المصلحة على الحياة وجمالياتها وقيمها، فهناك من يرتبط بصداقات مصالح مع العديد من الأشخاص ممن يستفيد منهم في تسهيل أموره، فكل واحد يجامل الآخر ويدعى صداقته، وهذا النمط في التعامل أصبح هو السائد حيث باتت العلاقات محكومة بالمصالح فقط.
فعليك أن تتوقف وتراجع نفسك وتعيد تقييم علاقاتك بما تحويه من حب وصداقة وإذا لم تجد من يسعدك فحاول أن تسعد نفسك، وإذا لم تجد من يضىء لك قنديلاً، فلا تبحث عن آخر أطفأه، وإذا لم تجد من يغرس في أيامك وردة فلا تسع لمن غرس في قلبك سهماً ومضى.
ولنا في قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير شاهد، فقال عليه الصلاة والسلام: “احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز”.