ساحة الرأي

د. أمان قحيف يكتب.. فاتن أمل حربي والإفلاس الفكري

فاتن أمل حربي والإفلاس الفكري

لا تسمح لي ظروف البحث العلمي بمتابعة مسلسلات رمضان أو مسلسلات غيره من الشهور .. لكن مرت أمامي بعض مقاطع من إجابات الشيخ الذي جعله إبراهيم عيسى يمثل شخصية محورية في قصته المسماه ” فاتن أمل حرب” .. ولأن ابراهيم عيسى هو مبدع الشخصية وهو الذي حدد دورها فقد وضع على لسانها رؤاه وتصوراته الذاتية لبعض القضايا الدينية .. وننوه هنا إلى عدة نقاط منها :

أولا : لم يثر المسلسل غير نقاط خلافية .. وتقتضي أمانة الطرح أن يقوم الكاتب بالإشارة إلى تعدد الآراء وتنوعها في الأمر الذي يناقشه الموقف الدرامي .. لكن الكاتب يميل في الغالب إلى إظهار الفكر الإسلامي بأنه فكر منغلق ويعاني من التكلس وليس به أي شكل من أشكال الانفتاح المعرفي والتنوع في الطرح، وهذا الأمر يعكس الإفلاس المعرفي الذي يعاني منه كاتب العمل ومؤلف القصة، فهو لم يفعل ذلك إلا لعدم إلمامه بالجوانب الكاملة للقضايا التي يتناولها ويحاول مناقشتها .

ثانيًا : يبرز مسار المواقف التي تعرض لها الشيخ التساؤلات التي تطرح عليه أنه لا يمتلك قدرا من العلم والمعرفة يسمحان له بحل ومناقشة الإشكاليات التي تُعرَض عليه .. في حين أن لهذه التساؤلات إجابات متداولة ومنتشرة في العديد من المؤلفات والدراسات التي تعالج موقف الإسلام الحنيف من قضايا الواقع المعيش ، الأمر الذي يؤكد ضآلة فكر الكاتب وسطحيتة في الاطلاع على المصادر الإسلامية المعمول بها .

فاتن أمل حربي والإفلاس الفكري

ثالثًا : يتخبط الكاتب حيث يخلط بين الديني والاجتماعي ، فهو يسوق بعض الرؤى والتصورات المجتمعية لبعض القضايا ، ويهاجمها ، وينتقدها ، ملمحًا إلى أنها موروث ديني خالص ، في حين أنها ليست كذلك على الإطلاق .. وهذا أمر يعكس وجود حالة من الالتباس الذهني والخلط الظاهر بين ما هو ديني وما هو اجتماعي .

رابعا : كتب الكاتب قصته وهو يتصور أن الإسلام هو فكر المنغلقين ، فتراه يطرح آراءهم ويسوقها باعتبارها تمثل الوجه الحقيقي لجوهر دين الله.. بينما هي ليست أكثر من أفكار بشرية قالها بها بعض الناس في فهمهم للنص المنزل.

وهنا يبرز وجود خلط معيب في رأس المؤلف وعقله ، فهو يخلط بين النص المنزل وبين فهم العقل البشري للنص .. مختزلًا الآراء جميعها في رأي غير مقبول من عموم المسلمين ، أو في الرأي الشاذ الذي لم يقل به جمهور العلماء .

وتفيدنا هذه الشواهد وجود قصور فكري ومعرفي لدى المؤلف ، أو تؤكد حرصه اللافت على إدانة الإسلام أو إبرازه في صورة الدين الذي لا يقدم ما يصلح أو يتوافق مع واقع الحياة الإنسانية .

وهنا يبدو تغافل المؤلف عن أن الإسلام الحنيف قاد ، وصاغ ، وشكَّل حركة حياة الأمة لعدة قرون ، وجعلها تبني حضارة لا ينكرها إلا جاهل أو جاحد .

خامسًا : يحاول المؤلف نقل الخلط الذي في ذهنه إلى عموم المسلمين .. ظانًا بذلك أنه سينجح في أن يتخلى الناس عن قناعاتهم الدينية المترسخة في وجدانهم .. إنه يظن هو والطغمة الذين يسيرون على دربه أن لديهم القدرة على التأثير سلبًا على المخزون الروحي للأمة .. وهذا ما يحتم علينا الإشارة إلى أن عبث هؤلاء لن يثمر لهم الثمر الذي يشتهونه ،  ولن يحقق لهم الرجاء الذي يرجونه.

يا ناطح الجبل الأشم بقرنه

رفقًا بقرنك لا رفقًا على الجبل

ورحم الله الإمام محمد عبده الذي أكد أن تأخر المسلمين وتخلفهم لم يحدث إلا بسبب تخليهم عن مبادئ دينهم الحنيف .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى