حكاية يوم قاسي في حياة والدها ” نادية لطفي”
إسراء البواردي
لم تكن مجرد وجه جميل أحبه الجمهور، بل هي فنانة واعية ومثقفة لها أدوار وطنية، هي نادية لطفي واحدة من جميلات الزمن الماضي التي قدمت أعمالا لا يمكن نسيانها.
رحلة نادية لطفي الفنية والإنسانية مليئة بالمواقف والحكايات، التي روتها بنفسها للكاتب الصحفي أيمن الحكيم ووضعها هو في كتاب حمل اسم “اسمي بولا”.
وفي السطور التالية نأخذكم في رحلة مع مذكرات نادية لطفي ومواقف من حياتها.
” ليس في حياتي ما أخفيه أو أخجل منه.. عشتها بشرف، وأتحدث عنها بكل صراحة، ومسئولة عن كل ما فعلته ولو عشت من جديد سأفعل ما فعلت نفسه” هذه كانت كلماتها الأولى لتحكي عن أول فصل في حياتها.
بولا محمد مصطفى شفيق، عندما تسمع هذا الاسم ستتسأل لماذا اختار والدها اسم “بولا” هناك قصة حول هذا الاختيار، روت نادية لطفي في مذكراتها سر إطلاق اسم “بولا” عليها، ولدت في ليلة شتوية باردة، في المستشفى الإيطالى بالقاهرة، هي الطفلة الأولى والوحيدة لوالديها، كانت ولادتها متعثرة وصعبة، الأم في حالة حرجة والطبيب يحاول مساعدتها، والأب في حالة توتر، إلا واحدة فقط راهبة في ثياب ممرضة تقف بجوار سرير الولادة تمسح جبين الأم وتدعو لها.
وتحكي نادية لطفي: “كان الزوج يرقب هذا الملاك الرحيم في امتنان، كانت ابتسامتها الوديعة وحدها التي تخفف عنه القلق ووطأة الموقف وعقارب الساعة التي تمضي متثاقلة، وكأنها تتواطأ مع تعثر الولادة والطقس السيء، فتشعل أعصابه التي لم تعد تحتمل المزيد من صرخات الزوجة كلما عاد إليها الوعي، وأخيرا جاءت الصرخات التي ينتظرها والكلمة التي يترقبها: المدام وضعت بالسلامة، اختلطت الفرحة بآذان الفجر معلنة ميلاد يوم جديد ومولودة جديدة … أنا”.
في اليوم التالي وعندما جاء موظف السجل المدني كان والدها اتخذ قراره أن يطلق اسم “بولا” عليها عرفانا منه بجميل تلك السيدة التي ساعدت زوجته وكانت مصدر الطمأنينة له.
وتضيف نادية لطفي في مذكراتها: “كان اسمي ملفتا وغريبا على الأسماع ومثيرا للتساؤل، وعشت سنوات وفي نفسي ظنون بأن هذا الاسم الذي اختاره لي أبي هو اسم حبيبة قديمة له قبل أن يرتبط بأمي، وظل في قلبه بقايا من حبها دفعه لأن يطلق اسمها علي، ليضمن أن يسير على لسانه للأبد دون أن يشك فيه أحد”.
ظلت بولا محمد مصطفى تحلم بأن يكون لها اسم آخر، وتحكي: “رغم اقتناعي وانتقال الامتنان إلي، إلا أنني فشلت أن أمنع نفسي من التمني والحلم باسم آخر، وراودني اسمان وددت لو أحمل إحدهما “ليلى” و”نادية” ولم أكن أعرف سببا محددا لانجذابي لهذين الأسمين بالذات، ولم أكن أعرف كذلك أنه سيأتي اليوم الذي أحمل فيه الاسم الثاني حتي يغلب على اسمي الرسمي في شهادة الميلاد، بل وعلى اسم “الدلع” الذي كان والدي يناديني دائما به: “بومبي”.