لعبت مجموعة من الأسلحة التي استخدمها الجنود المصريون في حرب أكتوبر المجيدة، دورًا كبيرًا في تحقيق النصر، منها الصواريخ المضادة للدروع وعلى رأسهم “الصاروخ ساجر”.
وعلى الرغم من أن القادة العسكريون لم يولون الصواريخ المضادة للدروع، أهمية كبيرة قبل حرب أكتوبر، وكذلك القادة الإسرائيليون الذين كانوا ينظرون لهذا النوع من الأسلحة باحتقار، حيث كانت القاعدة تقول أن الدبابة لا تواجه إلا بدبابة، وعندما تظهر الدبابات فإن جنود المشاة يفرون مهما كان تسليحهم، إلا أن ما حدث في حرب أكتوبر كان عكس هذا تمامًا، حيث كانت الدبابات الإسرائيلية تفر من جنود المشاة المصريين.
وأصدر القادة الإسرائيليون خلال حرب أكتوبر، أوامرهم لأطقم الدبابات بالبعد مسافة آمنة عن أطقم صيد الدبابات المصرية المسلحة بهذة الصواريخ، وكتبت الصحافة الغربية وقتها أن “صواريخ ساجر المصرية تغتصب الدبابات الإسرائيلية على طول القناة”.
ماهو الصاروخ ساجر!!!
“ساجر” هو صاروخ موجه، مضاد للدروع، ينتمي لفئة صواريخ الجيل الأول ويعمل وفقًا لمبدأ السيطرة والمتابعة البصرية، ويسمي بـ”المالتوكا” ويتميز ببطئ سرعته، وتعتمد دقّة الإصابة فيه على مهارة الرامي عن طريق سلك، ولقد كانت مهمة اتقان الإصابة بهذا الصاروخ شاقة للغاية على الجندي المصري، حيث كان يطلق من 20 إلى 25 صاروخ يوميًا في التدريبات، حتى وصل للدرجة المبهرة التي قدمها في حرب أكتوبر.
وبدأ العمل على تطوير هذا السلاح في يوليو عام 1960 في مكتب التصميم الهندسي “Kolomna” واستند على نسخ غربية من الصواريخ المضادة للدروع الموجهة، مثل الفرنسي Entacوالألماني Cobra، واكتملت الاختبارات الأولية في20 ديسمبر عام 1962، ودخل الصاروخ الخدمة في 16 سبتمبر عام 1963.
ويزن الصاروخ 12 كيلوجرامًا، ويحمل في حقيبة خاصة، والتي تعمل أيضًا كمنصة للاطلاق، ويتكون من جزئين، رأس حربية ذو شحنة جوفاء وصمامة كهربائية، ووزنهما الإجمالي 3 كيلوجرام، والجزء الثاني خاص بجسم المحرك الصاروخي والذيل بزعانفه الأربعة وبكرة السلك.
ويتم توجيه القذيفة بواسطة مقود صغير والذي يتطلب تدريب متواصل ومركز من المشغل، ويتم إرسال أوامر التوجية بواسطة ثلاثة أسلاك نحاسية خلفية، تنحل من مؤخرة الصاروخ، وقبل الاطلاق يتوجب وضع الحقيبة على أرض صلبة، ورفع الصاروخ لزاوية مقدارها 30 درجة لمنعه من الاصطدام بالعوائق أو الأرض، وتندفع القذيفة بسرعة طيران تبلغ 110 م/ث، مع 8.5 دورة فى الثانية، حيث يستطيع الصاروخ قطع مداه الأقصى البالغ 4000 م في40 ثانية أو أقل قليلًا.
ويحتاج الصاروخ بعض الوقت لإستعادة توجيهه نحو الهدف، هذه المسافة تتراوح بين 500-800 م، وقبل هذه المسافة لا يستطيع الصاروخ عمليًا الاشتباك مع الهدف، ولتغطية هذه الفجوة استخدم الجيش المصري “الآر بي جى 7” لضرب الأهداف من هذه المسافة القريبة بينما يضرب “الساجر” الأهداف التي تبعد من 800 متر حتى 4000 متر.
وقد أثبتت الاختبارات أن المشغل يحتاج لنحو 2300 عملية اطلاق نار في المحاكي simulated، ليصبح بارع في عملية التوجيه وإصابة أهدافه.
دور “ساجر” في حرب أكتوبر
كشفت مصادر روسية أنه تم تدمير 800 دبابة إسرائيلية بواسطة “الصاروخ ساجر” من إجمالى 1100 دبابة دمرت خلال الحرب.
وأدى هذا النجاح الباهر إلى إنتاج واسع للصواريخ المضادة للدروع على مستوى العالم، ولعل أحدثها الآن هى صواريخ “كورنت” الروسي – والذي تشمله الصفقة الروسية الأخيرة، و”ميلان” الفرنسي، و”سبايك” الإسرائيلي، و”جافلين” الأمريكي الذي يصوب بتقية “اضرب وانسى” أى أنه لا يحتاج مهارة كبيرة من الرامي فما عليه إلا أن يصوب على الهدف ثم يطلق وبعد ذلك يوجه الصاروخ نفسه حتى الوصول لهدفه.
جدير بالذكر أن حرب أكتوبر المجيدة انتهت رسميًا مع نهاية يوم 24 أكتوبر، خلال اتفاق وقف اطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي والإسرائيلي، لكنه لم يدخل حيذ التنفيذ على الجبهة المصرية فعليًا حتى 28 أكتوبر، حيث حقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية.