إحتلال إسرائيل المطول للأراضى الفلسطينية صنعته الأمم المتحدة بدعم أمريكا وهيأته لإسرائيل
يخلط كثير من الإعلام العربى والمصرى ما هو معروض على محكمة العدل الدولية فى جلسات أسبوع الاستماع , حيث يعتقد خطأ أن المعروض هو سرد جرائم الإحتلال الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية أو قضية جنوب إفريقيا على حين أن المعروض على العدل الدولية مختلف تماماً ,إذ يتناول مسألتين فقط محل طلب الرأى الاستشارى للعدل الدولية , بمفردات دقيقة فى علم القانون الدولى العام عن الضم الفعلى والقانونى والاستيطان والإحتلال المطول وعواقبه على المجتمع الدولى.
ولتنوير العقل العربى والمصرى وعلى هامش الدراسة المتميزة التى أعدها المفكر والمؤرخ القضائى القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان (انهيار المنظومة الأممية واختلال ميزان العدل الدولى ضد الشعوب المسلمة – قراءة فى أحكام العدل الدولية النظيرة) يتناول فيه الفقيه المصرى الإجابة على الرأى الاستشارى عن مدى قانونية إجراءات الضم الفعلية والقانونية التي تتخذها إسرائيل، واستمرار الاستيطان والإحتلال المطول للأراضي الفلسطينية المحتلة الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة منذ عام 1967, ومدى مخالفة الإحتلال للقانون الدولي خاصة حق تقرير المصير وتشريعات إسرائيل التمييزية , والوضع القانونى للإحتلال والأثار القانونية والعواقب والتبعات التي ستنشأ على جميع الدول والأمم المتحدة من وضع هذا الإحتلال .
ونعرض للجزء الثالث من دراسة الفقيه المصرى ويكشف المستور عن الأمم المتحدة لفلسطين فى ثلاث نقاط : إحتلال إسرائيل المطول للأراضى الفلسطينية صنعته الأمم المتحدة بدعم أمريكا وهيأته لإسرائيل و المنظمة قبلت إسرائيل عضواً عام 1949 دون اشتراط إبرام اتفاقيات سلام مع الدول المجاورة ورفضت قبول فلسطين كعضو كامل , والمنظمة أخطأت بالتعامل مع فلسطين بلجوئها إلى المفاوضات غير المتكافئة بين شعب محتل وكيان غاصب — وسيادة القانون الدولي لا تسمح بالتفاوض لشعب فلسطين الأسير لإنهاء الإحتلال الإسرائيلى , والمنظمة فشلت منذ نشأتها فى حل قضية فلسطين ، ولم تستطع تقرير عدم شرعية الإحتلال العسكري الإسرائيلي المطول للأراضي الفلسطينية وتركت الأمور “للهيمنة الإسرائيلية الفعلية ”
أولاً : إحتلال إسرائيل المطول للأراضى الفلسطينية صنعته الأمم المتحدة بدعم أمريكا وهيأته لإسرائيل , قبلت إسرائيل في العضوية عام 1949 دون اشتراط إبرام اتفاقيات سلام مع الدول المجاورة لها ورفضت قبول فلسطين كعضو كامل
يقول الدكتور محمد خفاجى فشلت الأمم المتحدة في قبول فلسطين في العضوية الكاملة بموجب المادة الرابعة فى فقرتها الأولى التى تقضى بأن ” العضوية في الأمم المتحدة مباحة لجميع الدول الأخرى المُحبة للسلام، والتي تأخذ نفسها بالالتزامات التي يتضمنها هذا الميثاق، والتي ترى الهيئة أنها قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات وراغبة فيه “حيث فرض بعض أعضاء لجنة القبول شروطًا في التقييم لا علاقة لها بالمادة 4/1 المشار إليها , وعمدت منظمة الأمم المتحدة إلى خلق المشكلة لفلسطين عن طريق السياق السياسي الأوسع من خلال التسوية عن طريق التفاوض وهى تعلم أنه غير قانونى بين محتل وغاصب لتكون الخيار الوحيد لتسوية طويلة الأمد , فالإحتلال طويل الأمد هو من صنعته منظمة الأمم المتحدة ذاتها لا غيرها وهيأته لإسرائيل , تحت سطزة سيطرة أمريكا على المنظمة الدولية , حيث دعمت أمريكا قبول إسرائيل في العضوية عام 1949 دون اشتراط إبرام اتفاقيات سلام مع الدول المجاورة لها، بل إنها قدمت عوامل خارجية للدفاع عن قضية الانضمام.
ويضيف فى نفس الوقت الذى قبلت فيه المنظمة الدولة إسرائيل عضواً بها بلا شروط , فشلت فى قبول العضوية الكاملة لفلسطين حتى اليوم واكتفت فقط بالاعتراف لها دولة مراقبة غير عضو , كأحد الأدوات المخففة للهيمنة الأمريكية بما نال من حق تقرير المصير للشعب الفلسطينى , بتأثير مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية التى تسببت في فشل فلسطين في الحصول على القبول الكامل للعضوية , مما يوضح المعاملة مزدوجة المعايير المتخذة لتقييم طلب فلسطين مقارنة بعملية قبول إسرائيل في عام 1948 بالمخالفة للمادة 4/1 من ميثاق الأمم المتحدة , وعلى الرغم من اعتراف الأمم المتحدة بحدود الأراضي الفلسطينية المحتلة كحدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ومع ذلك فقد تم قبول طلب إسرائيل للحصول على العضوية خلال حرب عام 1948، حيث كانت الأراضي اليهودية الأصلية المحددة بموجب القرار 181 (د-2)، على الرغم من التوسعات المستمرة من خلال العمليات العسكرية. ثم زرعت أمريكا مسماراً فى نعش النظام القانونى الدولى منذ إنشاء المنظمة بقولها الأثيم : “لا نجد في المعالجة الكلاسيكية العامة لهذا الموضوع أي إصرار على أن أراضي دولة ما يجب أن تكون محددة تماماً بحدود محددة” وهكذا فإن عدم قدرة فلسطين على أن تصبح دولة عضوًا كاملاً كان بسبب الممارسات الخبيثة لأمريكا التى أخضعت المنظمة الدولية لها وأبقت العالم في حالة طوارئ دائمة.
ثانياً : المنظمة أخطأت بالتعامل مع فلسطين بلجوئها إلى المفاوضات غير المتكافئة بين شعب محتل وكيان غاصب — وسيادة القانون الدولي لا تسمح بالتفاوض لشعب فلسطين الأسير لإنهاء الإحتلال الإسرائيلى
يقول الدكتور محمد خفاجى المنظمة الدولية أخطأت بالتعامل مع فلسطين بلجوئها إلى المفاوضات غير المتكافئة بين شعب محتل وكيان غاصب , بما يضفى شرعية سياسية للمحتل، ويبقي أصحاب الأرض الضعفاء أسرى , وسيادة القانون الدولي لا تسمح بالتفاوض لشعب فلسطين الأسير لإنهاء الإحتلال الإسرائيلى , وتفصيل ذلك أن نهج الأمم المتحدة تجاه إنهاء الإحتلال الإسرائيلي كان يخالف نهجها في ست حالات أخرى للإحتلال الأجنبي، وسيادة القانون الدولي لا تسمح بالتفاوض لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي؛ بل ينبغي وضع نهاية غير مشروطة على أساس قواعد القانون الدولى .
وأضاف الدكتور خفاجى مخاطباً منظمة الأمم المتحدة اَن الاَوان كى تصحح المنظمة الدولية أخطائها التى ارتكبتها تجاه شعب فلسطين منذ إشائها بلجوئها دائماً إلى التفاوض على الجانب غير القانونى بشأن الإحتلال غير القانوني لفلسطين، فمنذ إحتلال الأراضى الفلسطينية عام 1967 والمنظمة الدولية تعلم علم اليقين عدم شرعية الإحتلال الإسرائيلي المستمر منذ 57 عاماً للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، وتعلم حجم القمع المنهجي للأراضي الفلسطينية المحتلة.وتعلم المنظمة انتهاك القواعد الآمرة الثلاثة : حظر الاستيلاء على الأراضي عن طريق التهديد بالقوة أو استخدامها، والالتزام باحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، والالتزام بالامتناع عن فرض أنظمة أجنبية معادية للبشرية، بما في ذلك التمييز العنصري . ومن ثم فإن الاحتلال يمثل حالة غير قانونية تتطلب إنهاء فوريًا له دون قيد أو شرط .
وصفوة القول أن المنظمة الدولية فشلت في تحديد عدم شرعية الإحتلال الإسرائيلي، وفشلت في الدعوة إلى إنهائه غير المشروط ، بل انتهكت القانون الدولي من خلال اتباع نهج التفاوض فى الحالات التى لا يسمح القانون بذلك , وانتهجت المنظمة الدولية المعايير المزدوجة للحالات النظيرة , فهناك حالات ليست بعيدة عن أذهان المجتمع الدولى المتمثلة فى ممارسات الأمم المتحدة في ست حالات ثلاث منها ناميبيا وأفغانستان والكويت، إذ أعلنت الأمم المتحدة أن الإحتلال غير قانوني، بينما فى ثلاث حالات الصحراء الغربية وشمال قبرص وتيمور الشرقية، كان نهجها مغايراً بعض الشئ .
ثالثاً : الأمم المتحدة فشلت منذ إنشائها فى حل قضية فلسطين ، ولم تستطع تقرير عدم شرعية الإحتلال العسكري الإسرائيلي المطول للأراضي الفلسطينية وتركت الأمور “للهيمنة الإسرائيلية الفعلية “
ويختتم الفقيه المصرى فشلت الأمم المتحدة منذ إنشائها فى حل القضية الفلسطينية ، بسبب إغفالها تطبيق سيادة القانون المعياري الكامل في تعاملها مع الأراضى الفلسطينية المحتلة والشعب الفلسطيني المحروم ، كما فشلت الأمم المتحدة في تحديد عدم شرعية الإحتلال العسكري الإسرائيلي المطول للأراضي الفلسطينية المحتلة بوضوح، مع كل ما يترتب على هذا الإحتلال من عواقب وتبعات قانونية بموجب القانون الدولي، بما في ذلك إنهاء الإحتلال دون قيد أو شرط.
وكان يتعين على المنظمة الدولية أن تتبع نهجاً إنسانياً في توثيق انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني لكنها لم تفعل , واتبعت سياسة ضارة بتفاقم القضية من خلال اعتمادها على المفاوضات الثنائية الصورية غير المتكافئة بين كيان غاصب وأرض محتلة التي ثبت سوء نيتها , بما لم يترك مجالاً للفلسطينيين لممارسة حقوقهم فى السيادة. لقد افتقرت منظمة الأمم المتحدة إلى موقف مبدئي أدى إلى اعتراف نظرى مشروط بحقوق وتركت تنفيذها “للهيمنة الإسرائيلية الفعلية “، مما جعل ممارسة هذه الحقوق مستحيلاً على مسرح الحياة الدولية العملية.